الفصل الأول: نزهة قصيرة

كانت جود الطفلة التي تبلغ من العمر ستة أعوام جالسة في غرفتها تلعب بألعابها التي تحبها كثيرًا وتقضي أغلب وقتها معها؛ فتلك الدمى وألعاب الباربي بمقتنياتها المتعددة تشكّل الصديقة والأخت والأنيس الوحيد لجود، إذ إنها تعيش وحيدة مع والدتها المُنهمِكة غالبية اليوم في أعمالها الخارجية من أجل تحصيل لقمة العيش، كما لم تشأ الأقدار أن تُرزق جود بإخوة يُملون عليها حياتها، بعد أن توفي والدها وهي ابنة عامين فقط.


كانت والدة جود كثيرًا ما تشعر بالتقصير تجاه ابنتها من الناحية النفسية والمعنوية، فحالة الانطواء وعدم الرغبة بالجلوس معها كثيرًا التي أصبحت عليها جود تُنذر بخطر وشيك، لذا قررت في يوم من الأيام أن تأخذ إجازة من عملها وتخرج في نزهة يومًا كاملًا مع جود في محاولة منها لتغيير نفسيتها، وبالفعل رحّبت الابنة بالفكرة وفرحت كثيرًا، وقالت بكلمات بريئة: وأخيرًا رحلة مع ماما.


في تمام الساعة العاشرة صباح يوم الأحد كانت جود ووالدتها تسيران باتجاه الحديقة، فكانت الأم قد خططت بداية أن تذهبا إلى الحديقة وتمرحان بين الأراضي الخضراء ونوافير المياه الجميلة للاستمتاع بالأجواء الصيفية المعتدلة ثم تتناولان الآيس كريم، لكن لم يخطر في بالها أنّ مخططها سيفشل سريعًا؛ فبينما هما تسيران وقد اقتربتا من الحديقة رنّ هاتف الأم بمكالمة من رئيسها بالعمل واضطرت للرد، فلا بدّ أن يكون هناك أمر مهم للاتصال بها يوم إجازتها، ودون أن تنبته أفلتت يد جود من يدها، وعندما انتهت من مكالمتها التي لم تتجاوز ثلاث دقائق لم تجد جود بجوارها.


الفصل الثاني: أعيدوا ابنتي

أخذت الأم تنادي على ابنتها وتسير بحثًا عنها: جود جود أين أنت يا عزيزتي، ليس هذا مكان لعبة الغمّيضة، هيا اخرجي لنكمل نزهتنا كما اتفقنا، لكن للأسف لا ردّ أتاها ولا أثر لجود في أي مكان، فبدأ الخوف والقلق يتسلل إلى قلبها، وبعد مرور نصف ساعة من البحث وجدت الأم على الأرض سوارًا صغيرًا كانت جود ترتديه، فأخذت تنادي وتُنادي لكن دون جدوى، وهنا انهمرت دموعها دون وعي وأدركت أنّ جود اختفت.


سألت الأم الناس في الشارع إن كان أحدهم قد رأى جود، لكن النّفي كان سيّد الإجابات، فأسرعت الأم بالتوجّه إلى مركز الشرطة للإبلاغ عن اختفاء جود، وحكت ما جرى معها بالضبط، فطلب منها الضابط أي أثر للطفلة، فأعطته السوار الذي وجدته وقالت ودموعها لم تتوقف عن الانهمار: أرجوكم أُريد طفلتي، أعيدوا إليّ ابنتي أرجوكم، فوعدها بفعل ما بوسعهم.


رجعت الأم إلى البيت وظلت جالسة في ساحته لساعات طويلة وهي تنظر إلى الباب على أمل أن ترجع جود، ولما حلّ منتصف الليل دخلت إلى غرفة طفلتها وصارت تنظر إلى ألعابها وهي تبكي بشدّة، حتى نامت وهي تحتضن دميتها المفضلة. وفي صباح اليوم التالي استيقظت وما زال الدمع في عينيها، وذهبت مباشرة إلى مركز الشرطة لتسأل عن أي معلومة جديدة عن جود، لكن أيضًا لا جديد.


صرخت الأم من لهفتها على طفلتها وقالت: لا لا يمكن أن تختفي جود هكذا، مرّ يوم كامل دون أن تفعلوا شيئًا أرجوكم أعيدوا ابنتي، فتأثر الضابط وقال لها: أعدك شخصيًا أني سأبذل قصارى جهدي لأعيد لكِ ابنتكِ، ثقي بي، ومرت عدة أيام دون أي خبر عن جود والأم على حالها لم تتوقف عن البكاء، لكن جاءها في أحد الأيام هاتف من مركز الشرطة طالبين منها الحضور فورًا.


الفصل الثالث: الشاهد الوحيد

بدت تباشير الأمل على والدة جود وخلال دقائق كانت تقف أمام الضابط وتسأل بلهفة: هل وصلت أي معلومة عن جود؟ ردّ الضابط: اجلسي وخذي أنفاسكِ، لغاية الآن لم نتأكد أنها طفلتكِ، فبدأت الدموع تسيل على خدّيها والشرطي يفتح ملفًا فيه مجموعة من الصور لطفلة لم تتضح معالم وجهها كان وقت وفاتها قريبًا من وقت اختفاء جود، إلى جانب بعض الدلائل المادية التي وُجدت معها.


كانت الأم تنظر إلى الأشيتء وهي ترتجف والرعشة تجري في جسدها كلّه وقالت للضابط: لا لا، هذه ليست حاجيات جود، أنا متأكدة، ثم عادت إلى بيتها خالية الوفاض والحزن ملازمها والذكريات مع جود لا تنفكّ عنها، والخيالات حول المصير الذي آلت إليه ابنتها لا تبرح عقلها، فنامت على هذه الحالة. وفي صباح اليوم التالي رنّ جرس المنزل على غير العادة، فقامت الأم إلى الباب تفتحه وعيونها منتفخة وكانت المفاجأة؛ الضابط الذي وعدها بإعادة ابنتها يقف أمامها وقد طلّ من خلفه وجه ابنتها جود.


كانت لحظات مُبكية جدًا وجود وأمها تحتضنان بعضهما بعضًا حتى أنّ الضابط لم يتمالك نفسه، وبعد أن اطمأنت عليها شكرت الضابط بحرارة وسألته عن كيفية إيجادها، فردّ عليها: عليكِ أن تشكري هذا الشاب الذي يقف بجانبي، فهو الشاهد الوحيد على كلّ ما جرى، فابتسم الشاب ثم سرد على مسامع الأم تفاصيل مع عايشه مع جود.



ولقراءة المزيد من القصص الواقعية: قصة عهد الأصدقاء، قصة حقن مخدرة.