الفصل الأول: أجواء دافئة

على السرير في تمام الساعة السابعة صباحًا كان سامر ذو الخمسة أعوام وشقيقته ليلى ذات السبعة أعوام يقفزان بمرح وسعادة لإيقاذ والديهما من النوم، وتصدر منهما أصوات الضحكات عاليًا ويرددان: هيا استيقظا من النوم، اليوم عيد ميلاد بابا أحمد هيا هيا، نريد أن نلعب معًا، فما كان من أحمد وزوجته إلا الابتسام من أسفل الغطاء ومن ثم الانقضاض على ابنيهما ومبادلتهما مشاعر المرح والسعادة.


استيقظ الجميع من النوم وجلسوا على المائدة لتناول طعام الفطور وليلى وسامر يتبادلان النظرات والضحكات وكأنهما يريدان الإفصاح عن مفاجأة كبرى يحضران لها، فغمزتهما الأم ثم قالت: عزيزي أحمد بما أنّ اليوم عطلتك نريد منك الذهاب إلى السوق لإحضار بعض الحاجيات، سيأتينا ضيوف ليلًا، فابتسم أحمد وكأنه فهم القصد مما يحدث فردّ قائلًا: أمركِ يا عزيزتي أنتِ والضيوف وسامر وليلى أيضًا.


الفصل الثاني: كعكة عيد الميلاد

عندما حان وقت العصر استعدّ أحمد للتوجه إلى السوق لتلبية احتياجات المنزل، وقبل أن يخرج نادى زوجته وأولاده وقبّلهم ثم قال بحنان وعطف: أحبكم حبًا جمًا يا أغلى ما أملك في هذه الدنيا، إلى اللقاء، ودون إرادة منه انحدرت على خدّه دمعة حاول مسحها بسرعة قبل أن يلحظها أحد، ثم خرج وركب سيارته منطلقًا إلى السوق، بينما وقفت زوجته على الباب حتى غاب عن نظرها، وشعرت بقبضة قوية في صدرها، فوضعت يدها فوقه وقالت في نفسها: خيرًا يا رب.


بمجرد أن ابتعد أحمد بالسيارة عن أعينهم ركض سامر وليلى بسرعة باتجاه المطبخ، وقالت ليلى: هيا أمي لنحضّر كعكة عيد الميلاد لأبي حتى يتفاجأ بها عندما يعود، لا نريد أن نتأخر، وقبل أن تردّ أمها بأي كلمة ذهبت وارتدت مريول المطبخ وأحضرت واحدًا آخر وألبسته لشقيقها سامر، وبدأت الأم بتحضير مكونات الكعكة بالرغم من الشعور الغريب الذي انتابها.


مضت أجواء تحضير كعكة عيد الميلاد بمرح وسعادة، حتى أنّ سامر وليلى شعرا أنّ هذا اليوم أسعد يوم بحياتهما، وقالت ليلى: ستكون مفاجأة سعيدة لبابا، وقبل أن تجهز الكعكة بدقائق معدودة أمسكت زوجة أحمد بهاتفها واتصلت بزوجها، فأجابها: مسافة الطريق يا عزيزتي، ربع ساعة وأصل إلى البيت، وانتهت المكالمة بكلمة أحبك من الطرفين.

الفصل الثالث: نهاية حزينة

أصبحت كعكة عيد الميلاد جاهزة، فجلست زوجة أحمد مع ولديها سامر وليلى على الأريكة بانتظار عودة أحمد، وبدأت مشاعر القلق تنتابها فقد تأخر عمّا قاله لها، ومضى نصف ساعة من آخر مكالمة كانت بينهما، وحاولت الاتصال به أكثر من مرة بعد ذلك ولكن لم يكن هناك أيّ رد، فسأل سامر وقد بدأ يشعر بالضجر والملل: أين أبي، ستفسد كعكة عيد الميلاد والمفاجأة التي حضرناها له.


حتى لا يشعر سامر وليلى بأيّ شيء قالت الأم وهي تحاول أن ترسم ابتسامة زائفة على وجهها: ما رأيكما أن نفتح التلفاز قليلًا حتى يعود بابا أحمد، يبدو أنّ هناك أزمة على الطريق، ما هي إلا دقائق وسيأتي، وعندما فُتح التلفاز كانت القناة الرئيسية هي الظاهرة، وفي أسفلها شريط عاجل كُتِب عليه بالخط العريض: حادث سير مؤسف حدث قبل قليل أودى بحياة شابّ بعد أن اصطدمت به شاحنة كبيرة أدت إلى انقلاب السيارة عدة مرات، ومعه بدأت المشاهد تُعرَض من موقع الحدث.


بسرعة وقع نظر الأم على السيارة المقلوبة ولونها وأرقامها، فانطلقت منها صرخة مدويّة رافقتها بكلمات موجزة: أحمد أحمد، لا تتركني أرجوك لا تتركني، فانسلّ الخوف إلى قلبي سامر وليلى التي سألت أمها بخوف: ماذا حدث يا أمي؟ فأجابت وهي تبكي بحُرقة: لن نأكل كعكة عيد الميلاد أبدًا بعد اليوم.


ولقراءة المزيد من القصص الحزينة والمؤثرة: قصة موت رحيم، قصة أنا بجوارك.