الفصل الأول: نزهة عائلية
في جلسة عائلية في المساء وفي الحديقة الخارجية للمنزل تعالت الأصوات والضحكات؛ أخيرًا قررت عائلة الحاجّ سامي الخروج في نزهة جماعيّة بعد مخططات سابقة كثيرة فشلت في نهاية الأمر لأسباب مختلفة، إلا أنّ كلّ شيء بدا هذه المرة مُيسرًا وناجحًا، وكان القرار الذهاب إلى البحر وقضاء ثلاثة أيام هناك للاستمتاع بالأجواء الصيفية.
بعد أن هدأت الأصوات قليلًا قال محمود: لقد حجزتُ ثلاثة شاليهات مجاورة؛ واحد لأمي وأبي، وواحد لي ولزوجتي وأبنائي، والثالث لأخي أحمد وعائلته، وسيكون الانطلاق غدًا في السابعة صباحًا، فردّ الجميع في وقت واحد: على بركة الله.
الفصل الثاني: البحر الهائج
في تمام الساعة صباحًا كانت سيارتان تشقّان الطريق الخارجي الصحراوي باتجاه مدينة البحر؛ واحدة تُقلّ محمود ووالديه وعائلته، والأخرى لعائلة أحمد، وفي منتصف الطريق بدأت حالة الطقس تتغير وهبّت رياح قويّة حاملة معها الغبار والأتربة، مما اضطر العائلة إلى التوقف والنزول في إحدى الاستراحات حتى يهدأ الطقس قليلًا، وبينما هم جالسون قال الحاج سامي فجأةً: ما رأيكم أن نعود إلى بيوتنا ونلغي هذه الرحلة تمامًا.
كان أحفاده أول المحتجّين ومنهم من بدأ بالبكاء، لكن محمود قال: ما بك يا أبي لماذا نعود؟ مع أنني تأكدت من الأحوال الجوية قبل الحجز وكل شيء كان على ما يرام، لكنّ تغيرات الطقس أمر طبيعيّ، وبعد ساعة إن شاء الله نتحرّك مرة أخرى ونُكمل رحلتنا. بدا على الحاج سامي عدم الارتياح، لكنّه لم ينبس ببنت شفة، واكتفى الجميع أيضًا بالصمت.
وبعد هدوء نسبيّ في حالة الطقس انطلقت السيارتان مرة أخرى لكن هذه المرّة بحذر تحسبًا لأي طارئ قد يحدث، وبعد مرور ساعة ونصف الساعة تقريبًا وصلت العائلة إلى الشاليهات التي تمّ حجزها، وانطلق الأولاد في الأرجاء يضحكون ويمرحون وأرادوا النزول إلى البحر على الفور، لكن محمود صاح بهم: ليس الآن يا أولاد فالبحر هائج، والأمواج قوية، سنتناول الطعام أولًا وبعدها نرى ماذا سنفعل.
بدا وكأن البحر قد أقسم على ألا يجعل رحلة هذه العائلة سعيدة؛ فلم يهدأ أبدًا وكانت السباحة فيه أمرًا شبه مستحيل، الأمر الذي عكّر على الأطفال بالذات -وبالتالي على أهاليهم- صفو رحلتهم. وكثيرًا ما لمّح الحاج سامي إلى ضرورة العودة وإلغاء هذه الرحلة من بدايتها، إلا أنه قوبل بالرفض من الجميع في كلّ مرة.
الفصل الثالث: النهاية
في اليوم التالي هدأ الموج وسُمح للأطفال بالسباحة في البحر، والاستمتاع بالأجواء التي جاؤوا من أجلها، وعندها بدأت فتيات العائلة بتجهيز الطّعام، أما الرجال -أي الحاج سامي وولداه محمود وأحمد- فجلسوا يلعبون ورق الشدّة، وفجأةً سمع الجميع صوت استغاثة يأتي من ناحية البحر الذي عاد وهاج مرة أخرى، فاتجه إليه محمود مسرعًا ورأى الأولاد يبكون ويُشيرون ناحية البحر ويقولون: معاذ، معاذ اختفى.
معاذ هو ابن محمود، فلم يسعه عقله للتفكير ونزل إلى البحر على الفور لإنقاذ ابنه وسط صرخات من ذويه للعودة، وطلب النجدة من المختصين بدلًا من المغامرة في ظلّ هكذا أجواء، إلا أنّه لم يستمع لها، فطلب أحمد النجدة على الفور، لكن لما وصلوا إليهم كان الأوان قد فات، فقد غرق محمود وابنه معاذ واختفيا عن الوجود، وبقيت الجثث مختفية إلى الأبد، وبقيت كذلك حسرتهما في نفوس الجميع إلى الأبد أيضًا!!!
ولقراءة المزيد من القصص الحزينة والمؤثرة: قصة أنا بجوارك، قصة ملابس العيد.