الفصل الأول: صبر على المر
وليد شابّ في التاسعة والعشرين من عمره، يعيش في أحد أحياء المدينة، وهو معروف بين أبناء الحي بأفعاله غير السوية والمنحرفة، ويُشكّل مع مجموعة من الأشخاص عصابة تروّع أبناء الحي ونسائه وأطفاله، وقد تزوج وليد من الحيّ نفسه قبل عام ونصف من فتاة اسمها عبير ذاقت معه مرارة العيش جراء أفعاله والتهديدات المستمرّة التي كان يتعرض لها ولم يُلقِ لها بالًا.
حاولت عبير أن تُثني وليد عن تلك الطريق مرارًا وتكرارًا وتدعو له في جوف الليل حتى يعود إلى جادّة الصواب ويبتعد عن طريق الشر والأشرار، وكثيرًا ما كان يَعِدها ولكن دون جدوى، ولم يكن من عبير إلا الصبر على المرّ واحتساب أجرها عند الله تعالى. وبعد عام أنجبت عبير طفلًا جميلًا أسمياه أحمد، وقد فرح به الزوجان فرحًا كبيرًا، ووعد وليد زوجته أن يتوب ويُقلع أن أفعاله المنحرفة، لكن للأسف لم يلتزم بذلك الوعد كثيرًا، فما لبث أن عاد إلى الطريق المنحرف الذي اختاره واستهواه، فلم يرحم زوجته ولا طفله ويعش مهما بالرزق الحلال.
الفصل الثاني: نار الحقد
كان سجل وليد حافلًا بقضايا السرقة والسطو وغيرهما من القضايا، حتى وقع أخيرًا بقبضة رجال الشرطة، وأودع في السجن بعد أن حُكِم عليه مدة خمس سنوات، وبعد عدة أشهر من سجنه استطاعت عبير أن تزور وليد، ولم يكن منها إلا أن طلبت منه أن يُطلّقها بعد أن وصل الأمر بينهما إلى طريق مسدود وأصبح من روّاد السجون، فلم تعد تستطع تحمّل نظرات الازدراء ممن حولها لها ولابنها، فوافق وليد على طلاقها لكن اشترط عليها ألا تتزوج غيره.
بعد أن حصل الطلاق من وليد بعدة أشهر تقدم شاب إلى أهل عبير طالبًا الزواج منها، وسرعان ما تمت الموافقة والقبول وجرت أمور الزواج حسب الأصول، وعاشت عبير حياة مُغايرة لما كانت عليه حياتها من قبل نسيت فيها الآلام السابقة التي ذاقتها، لكن ابنها أحمد نشأ في كنف جدته -والدة أمه-، وقد وصل أمر زواجها إلى إخوة طليقها وليد الذين أسرعوا بإبلاغه بالخبر، الأمر الذي أشعل نار الحقد والغضب في نفسه، فأقسم أن ينتقم منها أشدّ انتقام.
كلّف وليد أحد أصدقائه الذين كانوا ضمن عصابته في الحيّ واسمه عبده بتنفيذ خطة كان قد وضعها انتقامًا من طليقته؛ إحراق منزل الزوج الجديد بمن فيه، وبالفعل جهز عبده ما يلزمه لتنفيذ المهمة؛ عبوة من البنزين وعود من الكبريت، وعرف بطُرقه الخاصة مكان المنزل ومداخله ومخارجه، وعندما دقت الساعة معلنة حلول منتصف الليل كان عبده يسكب البنزين من النافذة ويرمي عود الكبريت المشتعل، ليلوذ بعدها بالفرار.
الفصل الثالث: نهاية مأساوية
استيقظت عبير وزوجها على رائحة الدخان الذي ملأ أرجاء المنزل، وأسرعا لإنقاذ الطفل أحمد الذي كان في زيارة لوالدته، لكن للأسف احترقت غرفته بالكامل ولم يستطيعا الدخول إليها، وفي هذه الأثناء كان السكان المجاورون قد أبلغوا رجال الشرطة والدفاع المدني عن الحادثة، ولما وصلوا إلى المكان كان الطفل أحمد قد فارق الحياة محترقًا، والدموع تسيل من عيني عبير دون وعي وهي غير مُصدّقة لما جرى.
بعد ذلك بوشرت التحقيقات واستطاعت الشرطة معرفة أنّ وليد كان هو العقل المدبّر لتلك الحادثة، والتي كان ضحيتها الطفل أحمد بعكس حسابات وليد وأهدافه، الذي سيمضي في السجن سنوات إضافية متحسرًا يعضّ أصابعه من الندم جراء أفعاله ونفسيته الآثمة.
ولقراءة المزيد من القصص الحزينة والمؤثرة: قصة بحيرة البجع، قصة مأساة جديدة.