الفصل الأول: ذكريات الماضي

كانت الساعة تشارف على السابعة مساء حينما فتح خالد باب منزله المتواضع عائدًا إليه بعد يوم طويل ومُرهق من العمل، وهو موظف بسيط يعمل في إحدى الشركات ويتقاضى راتبًا يسيرًا، وبعد أن بدّل خالد ملابسه جلس على أريكته المعهودة ليستريح قليلًا مفكرًا في النوم والهرب من واقعه المؤلم، وبينما هو مستلقٍ وشارد في سقف المنزل مرّ به شريط حياته قبل خمس سنوات.


استعاد خالد يوم زفافه وأجواء الفرح والزغاريد لمّا تزوّج نوال الفتاة التي أحبّها، ولحقت هذا اليوم أيّام الهناء والسعادة التي عاشها معها وأثمرت عن ابنتهما الصغيرة هبة، إلا أنّ ذلك كلّه تبدّل إلى حزن وأسى عندما وقّع خالد ونوال ورقة الطلاق والفراق وسط الدموع إثر خلافات ومشكلات لم يكن لها من حلّ يُنهي أثرها الذي بدأ ينهش في حياتهما وحياة ابنتهما إلا الانفصال، وما أخرجه من ذكريات الماضي هذه إلا صوت طرقات قويّة على باب منزله.


الفصل الثاني: مأساة جديدة

قام خالد من خيالاته وشروده مفزوعًا ليفتح الباب متسائلًا في نفسه عن الزائر في هذا الوقت وما الذي يُريده، وإذ به يتفاجأ بطليقته نوال تقف أمامه وعلى وجهها أمارات الغضب والتحدّي، فسألها خالد: ماذا تريدين مني الآن بعد أن سلبتِ مني كل ما أملك ولم يتبقّ لي إلا هذا البيت بأريكته البالية، فهل جئتِ لأخذها؟

ردّت عليه نوال بابتسامة مُتحدّية: لا، بل جئتُ لآخذ هذا البيت بكل ما فيه وليس الأريكة فقط، لذا عليكِ أن تتركه وتسلّمني المفتاح في أسرع وقت، فأجابها خالد بغضب: للصبر حدود يا نوال، كلّ ما حدّدته لكِ المحكمة حصلتِ عليه وما بيننا انتهى، اتركيني بحالي أرجوكِ.


لم تعبأ نوال بحالة الغضب والاستفزاز التي بدا عليها خالد، واستمرّت بالحديث مهدّدة: اترك البيت بإرادتك قبل أن تتركه رغمًا عنك ويأتي من يُخرجك منه بالقوّة، ثم تركته بعدما ألقت تهديدها في وجهه بالإسراع في إخلاء البيت وتسليمه لها لتعيش فيه مع ابنتهما هبة، لكنّ خالد لم يُعِر تهديداتها تلك بالًا وعاد إلى أريكته واستغرق في النوم ليستيقظ لعمله باكرًا في اليوم التالي.


بعد مرور ثلاثة أيام عادت نوال إلى خالد والشّرر يتطاير من عينيها، إلا أنّه استقبلها بهدوء وحاول ضبط نفسه وعدم الانفعال قدر الإمكان، فراحت تمشي وراءه وتنهال عليه بألفاظ قاسية وتتوعّده بإرسال من يقوم بإخراجه، وبعد هذا الاستفزاز والتحدي لم يتمالك خالد أعصابه خاصةً وأنه أيقن أنّ نوال عازمة على أن تُهينه وتقلل من شأنه، فأراد أن يحافظ على ما بقي من عزة النفس وصفعها على وجهها لتكفّ عن توجيه الإهانات إليه، لكنها بادلته الصفعة نفسها لتتأجج في نفسه شرارة الغضب أكثر فأكثر.


جَالَ خالد بنظره سريعًا مكان وقوفه هو ونوال ووجد بجانبه تحفة قديمة كان قد احتفظ بها لأنها تذكّره بأيامه معها، لكن في هذه اللحظات غابت عن ذاكرته كل الذكريات الجميلة فأخذها وانهال على رأس نوال بالضرب وهي تتحدّث وتصرخ حتى سقطت على الأرض والدماء تسيل منها ولم يُعد لصراخها وجود، فوقع خالد منهارًا حولها يصرخ ويُنادي عليها لكنّها لم ترد.


الفصل الثالث: النهاية

بكى خالد بحُرقة وصرخ مذهولًا غير مُصدّق أنه فعلها، وخرج إلى الشارع ويداه ملطّختان بدماء نوال وهو يقول بأعلى صوت: لقد ماتت نوال، أنا قتلتُها أنا قتلتُها، ثم جثا على رُكبتيه منهارًا حتى وصلت الشرطة وألقت القبض عليه، وتم التحقيق معه حول ظروف هذه الجريمة، فأدلى بكلّ ما لديه من تفاصيل معترفًا بالحقيقة، وأُحيلت أوراقه إلى المحكمة لإصدار الحكم النهائي، وأيًا كانت العقوبة التي سينالها خالد ستبقى قصته حديث الناس سنوات عديدة.