الفصل الأول: زيارة مريض

كانت علامات الخوف والقلق بادية على وجه الأستاذ أكرم وهو يتحدث بالهاتف ويقول: وكيف حصل ذلك؟ وفي أي مستشفى هما موجودان؟ حسنًا حسنًا، سآتي على الفور، في هذه الأثناء كانت سلمى ابنة الأستاذ أكرم تنزل على السلم من الطابق العلوي لتستفسر من والدها عن سرّ هذه المكالمة غير المعتادة في مثل هذا الوقت؛ فالساعة لم تكن متجاوزة السابعة صباحًا!!!


سألت سلمى: ما الذي جرى يا أبي، مع من كنت تتحدث؟ ردّ أكرم بعد أن ارتمى بجسده على الكرسيّ وانطلقت منه تنهيدة طويلة: صديقي سامي وابنته ريم تعرّضا لحادث خطير، وهما في المستشفى الآن تُجرى لهما عملية دقيقة، وأكمل كلامه دون أن ينتظر ردًا من سلمى: لا بدّ أن أذهب إلى هناك حالًا، سآخذ إجازة اليوم من العمل وأساند صديق عمري، وبعد أن أنهى كلامه اتجه نحو السلم ليصعد إلى غرفته ويبدّل ملابسه، وهنا قالت سلمى: وأنا سأذهب معي، فرنيم صديقتي ولا بدّ أن أكون بجانبها في مثل هذا الظرف.


الفصل الثاني: طريق الخطر

في تمام الساعة الثامنة صباحًا كان أكرم يقود سيارته وبجانبه ابنته سلمى يشقان طريقهما نحو المستشفى الذي يبعد عن منزلهما حوالي ساعة ونصف، وقد ساد الصمت طوال هذه الفترة ولم ينبس أحدهما ببنت شفة، فكل ما كان يدور في ذهنهما هو ضرورة اللحاق بأصدقائهما قبل أن تتطور حالتهما أكثر من ذلك. وبعد أن أمضى أكرم وسلمى اليوم في المستشفى واطمئنا على حالة الأصدقاء حان وقت عودتهما إلى المنزل، فاستقلا السيارة في طريق العودة، وكانت الساعة حينها قد وصلت إلى الحادية عشرة قبل منتصف الليل.


في هذا الليلة كانت الأجواء شتوية بامتياز؛ فقد هبّت العواصف وهطل المطر بغزارة ولم يتوقف، وكان يدور بين أكرم وابنته حديث حول مخططاتهما لليوم التالي تخللتها الضحكات من الطرفين، وبعد مضي نحو نصف ساعة من السير في الطريق فجأة ودون سابق إنذار انفجر إطار السيارة ولم يستطع أكرم السيطرة عليها على الفور، فانزلقت عن الطريق الرئيسي واصطدمت بجذع شجرة كبيرة.


لم يدرك أكرم وسلمى من الصدمة وهول الموقف ما جرى إلا بعد عدة دقائق، فأسرعا بالقول معًا في نفس واحد: هل أنت بخير؟ والحمد لله أنّ أحدهما لم يُصَب، لكن السيارة لم تكن لتتحرك إلا بونش يحملها وينقلها، فأخرج أكرم هاتفه ليطلب المساعدة من أحد، لكن الشبكة لم تكن متوفرة وكذلك هاتف سلمى، فنزل من السيارة علّه يستطيع إيقاف أحد من المارة، ولكن أيضًا دون جدوى فكأنّ أحدًا لم يرَ أن هناك حادثًا وأنه واقف يطلب المساعدة.


الفصل الثالث: مفتاح السيارة

بعد طول انتظار ويأس من وجود أحد يقدم المساعدة أخبر أكرم سلمى أنه مضطر إلى إبقائها هي في السيارة وهو يذهب سيرًا على الأقدام مسافة طويلة لإنقاذ نفسه وابنته، والتي لم يكن أمامها إلا الموافقة، فأعطاها المفتاح وقال لها: سأحاول العودة بسرعة، ثم نظر إليها نظرة غريبة وسار باتجاه الخلف تحت المطر، فشاهدته سلمى بالمرآة حتى غاب عن بصرها، ثم أغلقت الأبواب جيدًا وألقت برأسها على الكرسي وأغمضت عينيها كالنائمة.


بعد مرور مدة لم تدرِ سلمى قدرها بالضبط فتحت عيناها فجأة وكان المطر قد توقف، ونظرت من مرآة السيارة فشاهدت شخصًا يأتي من بعيد ويبدو أنه يحمل بين يديه شيئًا، فانفرجت أساريرها وظنته والدها قد عاد ووجد حلًا، لكن بعد أن بدأ يقترب هذا الشخص من السيارة شيئًا فشيئًا تبينت سلمى أنه ليس والدها فتملكها الخوف وتأكدت من أن السيارة مغلقة جيدًا.


أصبح هذا الرجل الغريب المتلفح بالسواد واقفًا أمام النافذة التي تجلس سلمى بجانبها، وكان يُحدّق بها بنظرات مُخيفة وهي ترتجف خوفًا، وعلى وجهه تبدو آثار ضربات قديمة، وشعره أشعث مليء بالأوساخ، وفجأة رفع هذا الرجل ذراعه اليسرى فانطلقت من سلمى صرخة مدوية؛ فالشيء الذي كان يحمله ليس سوى رأس والدها المقطوع، والفم فيه مفتوح والعينان جاحظتان.


لم تستطع سلمى أن تفعل شيئًا وظلّت تصرخ حتى اختفى صوتها ولم تعد قادرة لا على الحركة ولا الكلام، وما كان من الرجل إلا أن ابتسم ابتسامة شريرة ودلّى أمامها شيئًا صغيرًا، وكان هذا الشيء مفتاح السيارة!!!


ولقراءة المزيد من قصص الرعب والخيال: قصة الولد الشقي، قصة الغرفة المغلقة.