محاولة (6001)

استيقظ الفتى ورأسه يؤلمه، أين أنا؟ وما هذا المكان الغريب؟ رفع رأسه عن الوسادة ونظر بتمعّن إلى المكان، غرفة ذات جدران بيضاء، تخلو من الأثاث تماماً عدا السرير الذي كان نائماً عليه، وبعض الصور المعلقة على الحائط والتي كانت تحتوي على تعليمات غريبة، مثل "لا تنقذ أحداً، لا تفتح الباب الأبيض، استخدم جميع الأدوات المتاحة"، بدأ الفتى يجمع هذه الصور ووضعها في جيبه، وهَم بالخروج لاستكشاف المكان، وهو الذي لم يكن يتذكر شيئاً، ولا يعرف لمَ هو هنا!


خرج الفتى من الغرفة البيضاء المخيفة وبدأ بالمشي في الممر المظلم، حتى وجد في نهايته بابين، أحدهما أبيض والآخر أحمر ولأن الصورة كانت تحذر من الباب الأبيض، فتح الباب الأحمر فوجد ممراً مظلماً آخر، وأثناء مشيه سمع صوت يناديه: النجدة، النجدة، أريد أن أخرج من هنا! اقترب الفتى من مصدر الصوت، حتى وجد رجلاً في منتصف العمر مقيداً على كرسي، فلما اقترب منه وهمّ بفكّ قيده....

-يا فتى ساعدني أرجوك!

-من أنت؟ ولماذا أنت هنا.

-لا أعلم، عندما استيقظ وجدت نفسي هنا، ولا أذكر شيئاً، أرجوك ساعدني حتى أخرج من هنا!

بدأ الفتى بمساعدة الرجل، حتى أطلق سراحه من الحبل الذي كان يقيّده: يجب أن نتعاون للخروج من هنا! أنا لا أتذكر شيء أيضاً، وأريد الخروج من هذا المكان المخيف، قال الفتى وهو ينظر إلى الرجل، ثم خرجا من الغرفة، كان المكان فيه العديد من الغرف المرقمة، وأغلبها مقفل، كما كانت الأرض متسخة وعليها آثار دماء مجهولة المصدر، كان الفتى محتاراً من المكان ولكن استمر بالمشي حتى وجد باب مقفل بسلاسل حديدية، حاول الفتى فتح الباب ولكن دون فائدة، الباب مقفل بشدة: يجب علينا ايجاد شيء لفتح الباب! قال الفتى وهو يبحث عن شيء حتى يفتح الباب، وعندها وجد كماشة كبيرة مرمية على الأرض، نادى الفتى الرجل كي يساعده في فتح الباب، ولكن دون إجابة، لا بدّ وأنّه فقد أثره، اتّجه الفتى نحو الباب، وحاول فتحه باستخدام الكماشة، ولكنّه سمع فجأة صوت أقدامٍ خلفه، وعندما التفت إلى مصدر الصوت وجد الرجل وبيده طوبة ضربها برأسه، فسقط الفتى على الأرض مغشياً عليه.


مرة أخرى!

استيقظ الفتى فوجد نفسه في نفس الغرفة البيضاء التي استيقظ فيها أول مرة، وعلى نفس السرير، وعندما نظر إلى حائط وجد نفس الصور معلقة على الحائط، وصورة إضافية مكتوب فيها: "أخبرتك ألّا تنقذ أحداً!"، استنتج الفتى أنّ عليه اتباع التعليمات التي في الصور لضمان حياته ربما؟ أو ربما ستساعده هذه الصور على الخروج؟ خرج الفتى من الغرفة مرة أخرى، ووجد البابين، وفتح الباب الأحمر كما ذُكر في التعليمات، ومشى في الممر المظلم، حتى سمع صوت الرجل مرة أخرى: النجدة، النجدة، أريد أن أخرج من هنا!، استغرب الفتى من الموقف، وكأنه شريط يعيد نفسه! ولكن هذه المرة تجاهل الصوت وأكمل مشيه، حتى صادف درجاً صعد عليه حتى وجد مختبراً كبيراً جداً، وكان في حالة فوضى فالأوراق تتناثر على الأرض هنا وهناك، والأجهزة معطلة، والإنارة خافتة جداً، نظر الفتى إلى الجدران، فوجد أوراقاً معلقة وبدأ بالقراءة: "في عام 2000 تم احتجاز الطبيب رامي لممارسته العديد من التجارب الشنيعة على المراهقين، حيث إنّه كان يحاول استنساخهم بطرق عنيفة وشنيعة، ولكنه فر هارباً من السجن بعد سنة واحدة من احتجازه، فيما وُجد أغلب المراهقين ميتين، بينما لا زال البعض الآخر مفقوداً إلى يومنا هذا"، وكانت القصاصات تحتوي على صور لمختبر كان يشبه المكان الذي يقبع فيه الفتى الآن، حاول الفتى التفكير: هل يعني ذلك أنّني واحد من هؤلاء المُستنسخين؟ أم أنا من هؤلاء المفقودين؟ لا أعلم لا أعلم! كل ما أعلمه أنّ علي الخروج من هذا المكان قبل أن يجدوني مرة أخرى!


الهروب

قرّر الفتى النزول والرجوع إلى ذلك الباب، واستخدام كماشة لفك السلاسل والخروج، وبعد بحث طويل استمر خمسة عشرة دقيقة وجد الفتى الكماشة، وانطلق باتجاه الباب لفتحه، وقد كانت السلاسل قوية جداً لكنه نجح بفتح الباب والخروج، كانت السماء داكنة في الخارج، والجو بارد وممطر، استمر الفتى بالركض للخروج من البوابة الرئيسية حتى وجد شخصاً ذا معطف أبيض يجلس باسماً على كرسي، اقترب الفتى للتحدث معه ولكن بمجرد اقترابه شعر بشخصين آخرين يمسكانه من يديه ويقيّدانه، ثم شعر بدوار في رأسه حتى أغمي عليه.

-دكتور رامي، هذا الفتى رقم 6001 صحيح؟

-"نعم! أنا متفاجئ! لقد نجحت التجربة" قال الدكتور رامي وهو يخرج ملفّاً من حقيبته، وبحث بين الأوراق حتى وصل لورقة مكتوب عليها (تجربة استنساخ رامي 6001)، فأمسك قلماً، وبدأ بقراءة المكتوب في الورقة: القدرة على ملاحظة الصور وفهمها، صح! اتباع التعليمات، صح! استخدام الأداوت بالشكل الصحيح، صح! أخيراً! أخيراً! من بين 6000 تجربة فاشلة نجحت واحدة!!