الفصل الأول: تحضيرات وتجهيزات

لم تكن سميرة سعيدة في حياتها كما كانت في مثل هذه الأيام، فأخيرًا وبعد انتظار سنوات سيأتي اليوم الذي سيجمعها بحبيب عمرها طارق، وقد كانت تجهيزات يوم الزفاف والتحضيرات في مُعظمها مُنجزة، وبقيت فقط تفاصيل صغيرة تحتاج إلى متابعة خلال ساعات هذا اليوم، فلم يبقَ لموعد الزفاف سوى يومين اثنين فقط.


قالت سميرة لطارق وهما ينزلان من على سلالم قاعة الأفراح بعد أن أكّدا على حجزها: والآن يا حبيبي جاء الدور لأعاين ثوب الزفاف وأتأكد من أنّ جميع الأمور جاهزة، ثم أردفت: والعريس في هذه المرحلة ممنوع من الحضور، ردّ طارق وهو يبتسم: ولِمَ أنا ممنوع يا حضرة الأميرة؟ فقالت سميرة وهي تعانقه عناقًا سريعًا: حتى تتفاجأ بأميرتك يوم الزفاف يا أميري الوسيم، والآن إلى اللقاء حتى لا أتأخر عن الموعد.


الفصل الثاني: زفاف بلا عريس

كان صباح يوم الخميس يومًا مميزًا لسميرة وطارق، وانبرى كلّ منهما أول شيء إلى الصالون لتجهيز نفسيهما لهذه الليلة الكبيرة، ومضى بعدها كلّ شيء بسهولة ويُسر، حتى جاء اتصال من طارق لسميرة في تمام الساعة السابعة مساء -أي قبل موعد بدء حفل الزفاف بساعة تقريبًا- أخبرها فيه بكلمات مقتضبة: لقد تعطّلت سيارتي، اسبقيني إلى قاعة الأفراح مع صديقتكِ سلمى وزوجها حتى أجد سيارة أخرى تُقلّني إلى المكان، مع السلامة.


تغيرت معالم وجه سميرة وشعرت بانقباض شديد في صدرها، وحاولت أن تفهم من طارق تفاصيل أكثر لكنّه أنهى المكالمة بسرعة ولم يُجب عن أي أسئلة كانت توجهها إليه، وكأنّه ردّ آلي مسجّل. بعدها أغلقت سميرة الخطّ وانتابها خوف فظيع لم تعهد مثله من قبل، ووقفت في غرفتها حائرة فيما يجب عليها فعله، فلم تجد بُدًّا من الاستعانة بصديقتها سلمى كما طلب طارق.


وصلت سميرة إلى قاعة الأفراح وبقيت في السيارة مع سلمى وزوجها، وكان من الواضح أنّ معظم الحضور قد وصلوا، فقالت سلمى: ليس منطقيًا أن تدخلي وحدك إلى القاعة يا سميرة، اتصلي بطارق واسأليه أين هو الآن، لم ترد سميرة بأي كلمة، لكنها أمسكت هاتفها ورنّت على طارق مرات عدة من دون جدوى؛ فما من مُجيب، فقالت سميرة بكلمات مرتجفة: أخشى أن يكون قد أصاب طارق مكروه، ما العمل الآن؟


بعد صمت مُطبق طويل قال زوج سلمى: سيبدأ الحضور الآن بنسج القصص عن غياب العروسين، برأيي أن ننزل وتدخل سميرة إلى القاعة، وسنجد حجة لغياب طارق، لكن لا بد أن يكون أحدكما موجودًا، لم يكن أمام سميرة حلًا سوى تنفيذ ما قاله، فنزلت من السيارة ومشت نحو القاعة بخطوات ثقيلة وهي تحبس دموعها، ودخلت وسط همس الحضور ودهشتهم، وبدأت الفقرات المحضّر لها بالرغم من غياب العريس، لكنّ الناس بدأت بالمغادرة تدريجيًا، فهذه المرة الأولى التي يشهدون فيها زفافًا بلا عريس.


الفصل الثالث: شبح يوم الزفاف

بعد مرور ساعة ونصف تقريبًا من غياب طارق وعدم استجابته لكل الاتصالات غادر جميع الحضور تقريبًا وفي أذهانهم أنّ العريس فرّ هاربًا من هذه الليلة وترك عروسه وحيدة وحزينة، ولم يكن من سميرة إلا الجلوس وسط القاعة الفارغة والانفجار بالبكاء، فلم تستطع إيجاد تفسير واحد لما جرى معها في هذا اليوم الذي ظنّته يوم العمر، وهو كان كذلك لكن بطريقة مختلفة.


غادرت سميرة القاعة إلى منزلها وحبست نفسها في غرفتها مرتدية ثوب الزفاف دون أن تتوقف دموعها، وبقيت على حالتها تلك أيامًا عدة ترفض الأكل والشرب والحديث مع أي أحد، لدرجة أنه عندما اقتربت منها صديقتها سلمى هجمت عليها بوحشية شديدة وكادت أن تودي بحياتها خنقًا، حتى مظهرها الخارجي بات كالوحش الكاسر، فظنّ الجميع أنّ سميرة قد تلبّسها شيطان أو شبح.


بعد أيام من تلك الحالة أحد معارف سميرة شاهدها وهي تدخل إلى القاعة التي كان من المفترض أن يُقام فيها حفل زفافها، وكانت ما تزال مرتدية الفستان وحالتها يُرثى لها، فذهبوا خلفها مباشرة، لكن هنا كانت المفاجأة؛ فما إن ولجوا إلى داخل القاعة حتى شاهدوا سميرة جثة هامدة على الأرض، فما كان منهم إلا الاتصال بالجهات المختصة لمعاينة ما جرى، والغريب في الأمر أنه تبيّن فيما بعد أنّ سميرة قد توفيت قبل عدة أيام!!!


والآن مرت سنة على وفاة سميرة، إلا أنّه وفي ذكرى يوم زفافها -أي في نفس تاريخ اليوم الذي كان من المفترض أن يُقام فيه زفافها- يعيش الناس حالة خوف وهلع كبير؛ إذ يخرج من قاعة الأفراح صوت صُراخ قوي وعالٍ مع أصوات بكاء، ويظهر شبح بهيئة سميرة يبحث عن فتاة شابة ستتزوج في هذا اليوم، ليتلبسها وتتحول إلى عجوز، فيهرب منها عريسها على الفور!!


ولقراءة المزيد من قصص الرعب والخيال: قصة مفتاح السيارة، قصة لعنة الساحرة.