الفصل الأول: البيت المهجور

على سريره المجاور لسرير شقيقه استلقى ماجد مثبتًا نظره على السقف، وكانت الساعة حينها تُشارف على الواحدة بعد منتصف الليل، وفجأةً قطع الصمت المخيم على غرفة الشقيقين صوت ماجد وهو يسأل أخاه جمال: هل أنت مستيقظ؟ بعد ثوانٍ معدودة جاءه الردّ بصوت بين اليقظة والنوم: ماذا تريد في مثل هذا الوقت؟!! قال ماجد وهو ما يزال مستلقيًا: ما رأيكِ أن نذهب أنا وأنت إلى البيت المهجور الموجود في آخر الحي؟


نهض جمال من مكانه وعدّل جلسته ثم قال: هل جُننت؟ ألا تسمع الحكايات التي تدور حوله والأحاديث عن الأرواح التي قُبِضت فيه؟ ردّ ماجد: هذه الأحاديث لا تدخل العقل، كلها خرافات فقط لإخافة الناس. لم يقتنع جمال بما قاله شقيقه، فزمّ شفتيه ثم قال: وماذا تريد أن تفعل عندما تدخله، أقصد ماذا ستستفيد من فعل ذلك؟ قال ماجد: أُحرر العقول من أمور خيالية لا تُصدّق، نحن نعلم أنّ مالك هذا البيت انتقل من البلاد للعمل في الخارج ولم يعد إليه منذ مدة، لكن هذا لا يعني أنّ شيئًا مرعبًا يحدث فيه؛ فلم يرد جمال واكتفى باستلقائه على السرير مرة وأخرى وتغطية جسده.


الفصل الثاني: أحداث غريبة

في وقت مبكر من صباح اليوم التالي عندما استيقظ جمال وجد شقيقه ماجد يرتدي ملابسه ويستعد للخروج، فسأله: إلى أين؟ قال ماجد: إذا كنت لا تريد الذهاب معي إلى البيت المهجور فسأذهب وحدي، أنا لست خائفًا مثلك، غضب جمال وقال: لا تنعتني بالجبان يا أخي، أنا أريد مصلحتك، ثم أردف: ولأثبت لكَ أني لست خائفًا سأرتدي الآن وآتي معك، لحسن الحظّ أنّ والدَينا مُسافران، وإلا لدخلنا في دوامة من الأسئلة لن نعرف كيف نخرج منها.


بعد سير لمدة عشر دقائق تقريبًا وصل ماجد وجمال إلى البيت المهجور المكوّن من طابقين، والذي بدت أطرافه مدمّرة وتشققت الكثير من جدرانه حتى غطّى السواد بعضها، واتخذت منه الأوساخ والقاذورات مسكنًا لها، وبالرغم من ذلك دخلا إلى البيت بكلّ ثبات، وكانت غرفة الجلوس أول مكان قابلهما، لكنّ المفاجأة أنّ المقاعد كانت غارقة بالدم، وهنا سرت رعشة قوية في جسد الشقيقين وبدا أنّهما شعرا بالخوف، لكن لم يُفصح أحدهما للآخر عمّا شعر به، واستمرّا بالتعرف إلى أجزاء هذا البيت المهجور.


دخل ماجد إلى المطبخ بعد جولة في الغرف السفلية والتي كانت رائحتها كريهة جدًا وكأنّ جثثًا كثيرة كانت موضوعة فيها، وتردد جمال قليلًا قبل اللحاق به، وفجأة بينما هما واقفان اشتعلت نار من الغاز وانطفأت بسرعة، وظهرت كتابة على الحائط خلفه، قرأها ماجد متمهلًا: "أنا في غرفة من الغرف في الطابق العلويّ"، بعدها التفت خلفه حيث كان يقف شقيقه جمال لكنّه لم يجده.


استغرب ماجد من عدم وجود جمال، وأخذ يُنادي عليه أكثر من مرة لكن دون أن يأتيه أي ردّ، فقال في نفسه: كان باديًا أنّ أخي جمال خائف من البداية، والآن استغلّ الفرصة وهرب بعيدًا، لا بأس سأكمل الجولة في البيت المهجور وحدي، ثم اتجه ناحية السّلم الخشبي ليصعد إلى الغرف العلوية، وعندما وصل إلى الدرجة قبل الأخيرة، تحطّم السلم فجأة ودون سابق إنذار، لكنّه استطاع أن يُنقذ نفسه ورمى بجسده على أرضية الطابق العلوي، وانطلقت منه صرخة خفيفة جراء التواء شعر به في قدمه.


تحامل ماجد على نفسه ووقف ثم سار وهو يعرج ووقف أمام أول غرفة صادفته، ووجد على بابها طلاسم لا يفهم معناها ولم يرها على أي باب آخر، ففتح الباب وإذ بالغرفة خالية من كل شيء، وعلى جدارها الأيمن كُتبت عبارة بالدم: "رأسي على اليمين، وجسدي على اليسار"، لم يفهم ماجد معنى ذلك فالتفت إلى الجدار الأيسر وقرأ العبارة الآتية: "اذهب إلى الغرفة الثانية، لتفهم أكثر"، هنا شعر ماجد بالخوف الحقيقي، لكنه حاول أن يبقى متماسكًا ويتحلى بالشجاعة، وقرر أن يتبع العبارات المكتوبة.


الفصل الثالث: أنا ميت

وصل ماجد إلى الغرفة الثانية وفتح بابها الذي ظهرت عليه نفس الطلاسم التي كانت على الغرفة الأولى، لكنّه متأكد أنها لم تكن قبل ذلك، دخل إلى الغرفة التي كان فيها سرير واحد فقط ولا شيء غيره، وقف ماجد حائرًا وسمع أصوات صرخات بعيدة تأتي من خلفه، فالتفت وراءه وعاد ناحية الباب إلا أنّه لم يرَ شيئًا، فعاد إلى حيث كان واقفًا، وقال محدثًا نفسه لكن بصوت مسموع: لا بدّ أن أعود الآن إلى المنزل، وأتحدث مع جمال عن سبب تركه لي فجأة.


قبل أن يخرج ماجد من مكانه سمع صوتًا واضحًا يصدر من الغرفة نفسها قال له: انظر خلفك، فتسمّر ماجد مكانه عدة دقائق قبل أن يُنفّذ ما قيل له، بعدها التفت ووجد على الحائط عبارة مكتوبة بالدم أيضًا لم تكن موجودة: "أنا ميت، انظر أسفل السرير"، تردد كثيرًا قبل أن ينظر هناك، حتى أنّه أراد العودة على الفور، لكنّ شيئًا ما في داخله دفعه لتنفيذ ما قيل.


جثا ماجد على ركبتيه لينظر أسفل السرير، فتسمّر مكانه وكأنّ صاعقة قوّية قد شلّت حركته؛ لقد رأى وجه أخيه جمال، لكنّ رأسه مفصولٌ عن جسده؛ الرأس على يمينه والجسد على يساره!!!


ولقراءة المزيد من قصص الرعب والخيال: قصة قناع الأفعى،قصة انتقام جماعي.