الجريمة

في إحدى الليالي الممطرة، تقف امرأة ترتدي قناعاً يُظهر فمها فقط، وعلى بعد مسافة قصيرة، يقف مراهق عمره 11 ربيعاً تقريباً يحمل سكيناً ويهدد زوجين عجوزين ويداه ترتجفان من هول الموقف، بينما تقترب منه المرأة المقنّعة وتقول بنفاد صبر: هل ستجعلني أنتظر أكثر؟ هيا قم بفعلها! أسقَط الفتى السكين وهو يرتجف: لا أستطيع! لا أستطيع قتل أمي وأبي!، مشت المرأة باتجاه الفتى بلامالاة، وأخرجت سكيناً من جيبها وطعنت الأم والأب المقيدين أوّلاً، ثم اتجهت إلى الفتى الذي بدأ بالصراخ بصوتٍ عالٍ: النجدة! النجدة!! النجــ.. د..


الشاهد

كانت المرأة على وشك مغادرة المكان، ولكنها سمعت صوت بكاء خافت، اتبعت الصوت حتى وجدت فتاة شابة تقف على باب البيت، تلاقت أعينهم، ثم هربت الفتاة بسرعة ولحقتها المرأة، حاولت الفتاة الركض بأسرع ما يمكن ولكنها لم تنجح في الهروب، فقد أمسكتها المرأة وكانت على وشك إخراج السكين، قبل أن تتعثّر بحجر ملقى في الشارع أدّى لأن أفلتت الفتاة من يد المرأة وأكملت هروبها واختبأت وأخرجت هاتفها وحاولت الاتصال بأبيها وهي ترتجف ولكن لسوء الحظ لم يجب الأب على مكالمة ابنته، فأرسلت له رسالة: أبي أرجوك ساعدني! هناك امرأة تريد قتلي! أنا في مجمع الغيوم السكني في الشقة رقم 502 المهجورة أرجوك تعال!


في غير مشهد كان المحقق سامي مشغولاً في اجتماع للتحقيق في قضية ما، اتصلت عليه ابنته 3 مرات ولكنه لم يستطع إجابتها، وبعد قليل وصلته العديد من الرسائل النصية: سامي، هل هناك مكالمة مهمة؟ يمكنك الإجابة إذا أردت قال مدير سامي عندما لاحظ تشتت سامي بالهاتف، خرج سامي من الغرفة وتفقد هاتفه، وعاد إلى المدير وهو يلهث: أيها المدير! أرسل الدعم حالاً! ابنتي تتعرض للهجوم!!


وصل سامي إلى المكان الذي تتواجد فيه ابنته، واتصل عليها ولكنها لم تجبه، ثم وصلته رسالة نصية: أنا في الشقة 502 مختبئة داخل الخزانة، تلك المرأة موجودة في نفس المكان، أرجوك تعال! شعرها قصير، ومعطفها أسود، وتضع قناعاً غريباً، وعلى يدها وشم على شكل أفعى، ولسوء حظ الفتاة رن هاتفها فاستطاعت المرأة الأفعى إيجادها، ففتحت الخزانة وألحقتها بطعنة سريعة، ثم قفزت من النافذة وهربت، دخل سامي ورجال الشرطة إلى الشقة، واقترب من الخزانة التي تسيل منها آثار الدماء وهو يتضرّع أن لا يُشاهد ما شاهده، فقد وجد ابنته مذبوحة وقد حملت عينيها وفغرت فاها، وعلى يدها علامة إكس!


البحث عن الحقيقة

توالت الأيّام ولا جديد في قضيّة روز، وبعد مرور سنة على الحادثة، يجلس سامي في مكتبه أمام شاشة الكمبيوتر وهو يبحث عن أدلة عن حادثة ابنته، وأثناء ذلك دخل زميله وسيم وهو يلهث: سامي انظر إلى هذا الخبر: عاجل: "العثور على عائلة كاملة قُتل أفرادها طعناً، وقد تمّ القبض على القاتل وأحيل إلى أقرب مركز الشرطة للتحقيق معه"، أكمل وسيم وقال: الفتى موجود في مركزنا، تعال معي، نهض سامي فزعاً من على كرسيه، واتّجه إلى وسيم وقلبه يكاد ينخلع من شدّة خفقانه.


دخل سامي ووسيم إلى غرفة التحقيق، ووجدا شاباً لا يتجاوز عمره الـ25 ربيعاً، بدأ سامي بالتحقيق مع الشاب، اسمه يوسف، عمره 24 سنة، تخرّج من الجامعة وهو عاطل عن العمل، ويعيش في منزل والديه، ولكن يوسف رفض البوح بأي معلومة أخرى، والغريب أنه كان واثقاً جداً من نفسه، وكان ينظر إلى الكاميرات كل دقيقة، خرج سامي ويوسف من غرفة التحقيق: كيف له أن يكون واثقاً لهذه الدرجة! لم يرف له جفن حتى! قال سامي وهو في طريقه إلى غرفة التدخين، وعندما انتهى رجع إلى غرفة التحقيق ولكنه لم يجد يوسف، ووجد شرطيّاً كان يرتّب في الأوراق الموجودة في الغرفة، التفت سامي له وسأله: أين المشتبه به الذي كان في الغرفة؟

-لا أعلم، لقد سمعت أنّه قد تمّ نقله إلى مركز أمنيّ آخر.

-لم يخبرني أحد بهذا!

-ولكنني رأيت وسيم يخرجه من هذه الغرفة، ألستما تتابعا القضية معاً؟

استغرب سامي من كلام الشرطي وشعر أنّ هناك خطباً ما، فوسيم أخبره أنه سيأخذ باقي اليوم إجازة ليذهب إلى المنزل فهو مرهق، تفقّد سامي كاميرات المراقبة، ولكن وسيم خرج وحده من مركز الشرطة لا يصحب أحداً! ركض سامي إلى غرفة التحقيق مرة أخرى ليسأل الشرطي، ولكنه لم يكن موجوداً! اختفى الشرطي المجهول ويوسف! أبلغ سامي رئيس قسمه، ووسيم، وأعضاء فريقه، وخرجوا للبحث عن يوسف، والشرطي مجهول الهوية، ولكن دون جدوى!


وبعد شهر من هذه الحادثة، وصلت قضية جديدة لسامي وفريقه، كانت القضية تبدو قضية سرقة بسيطة، ولكنّ ما كان وراءها شيء آخر، فعند التحقيق مع المشتبه به، لاحظ سامي أن المشتبه به لديه نفس مواصفات يوسف، ونفس التصرفات التي كان يفعلها يوسف في الغرفة، الثقة المفرطة، والنظر إلى الكاميرا كل دقيقة، كما أنّه يحمل على معصمه وشم (أكس)، كما يوسف تماماً، أمر سامي بالذهاب إلى منزل المشتبه به للتفتيش على الغرض المسروق، ولكن كانت نية سامي شيئاً آخر!


وعند وصولهم إلى منزل المشتبه به بدأوا بالتفتيش، كانت أمه فزعة من منظر رجال الشرطة، واستغربت من وجودهم، وشرحت لسامي أن ابنها لا يخرج من المنزل أبداً، ودائماً ما يقضي وقته على جهاز الكمبيوتر، ولا يخرج من غرفته أبداً! اتّجه سامي إلى غرفة الشاب، وبدأ بتفتيش جهاز الكمبيوتر الخاص به، فلم يجد شيئاً غريباً، ولكن وجد لعبة باسم الأفعى السوداء، وعندما فتح اللعبة ظهرت رسالة مفادها "هل أتممت مرحلة السرقة؟ أين صور الإثبات؟ لماذا لا ترد؟ اعتبر نفسك خارج المنافسة إذا تأخرت أكثر!" استغرب سامي من كمية الرسائل، وأرسل بعض الصور إلى مركز الجرائم الإلكترونية.


وبعد بحث طويل، وتحقيق مع الشاب تبيّن أنّها لعبة تستهدف الشباب، وتجعلهم ينفّذون بمهمات بمستويات متعددة من الصعوبة، وكل مستوى كان عبارة أفعال تبدأ من التنمر، ثم السرقة، ثم القتل! وكانت جملة (قم بمهامك بمهارة ولا تخف من الشرطة، إذا ألقي القبض عليك سنساعدك!) مكتوبة بخط كبير وكانت الجائزة عبارة عن 10000 دولار! وكان من شروط اللعبة أيضاً ارتداء ساعة لتحديد موقع اللاعب، أمّا شرط المستوى الأخير هو تصوير بث حي للجريمة! وبحضور عدد من الحكام! استخدم سامي حساب الشاب لإكمال المهمات، وحاول تزييف النتائج للاستمرار في اللعب، وعند الوصول إلى المرحلة الأخيرة، جهّز سامي ووسيم نفسيهما وذهبا إلى بيت الشاب، فيما تنكّر وسيم بشخصية أب الشاب، وبعد ساعتين، وصل حكام اللعبة، وكانوا عبارة عن رجل وامرأة يلبسان قناع أفعى، وكانت مواصفات المرأة مطابقة للمواصفات التي ذكرتها روز قبل أن تموت! انفعل لرؤيته قاتلة ابنته، ولكنّه أمسك نفسه لإكمال الخطة والقبض على المرأة، وبدأ البث المباشر في موقع اللعبة، وقد تتجاوز عدد المشاهدين المليون مشاهد من شتى أنحاء العالم! رحّب سامي بالحكام، وتأكدوا من هويته بإمتلاكه الساعة، جلس الحكام على الكراسي وهم يشاهدون سامي وهو يقترب من أبيه (وسيم) ليقتله، قبل أن يسمع الرجل يهمس للمرأة بأنّ هناك خلل! وأنّ الشاب الواقف أمامهما ليس الشاب المطلوب!! فوثبت المرأة بسرعة وأخرجت مسدسها وأطلقت النار على سامي ووسيم وفرّا هاربين خارج المنزل، إلّا أنّ قوّات الشرطة المتحلّقة حوله كانت قد ألقت القبض عليهما، وأحالتهما للتحقيق.


في المستشفى..يقفل سامي التلفاز ويرجع إلى سريره، فيسمع مذيعة أخبار النشرة الوطنية تقول"جريمة أخرى تقع في الحيّ الجديد، فيروح ضحيّتها أب وأمّ والشاهد رجل يرتدي قناع ذئب"!