الفصل الأول: ولع بالحيوانات

الهاميستر والقطط والكلاب بمختلف أنواعها وحتى العصافير هي جلّ اهتمامات الشاب العشريني رامي وهواياته في الحياة، وقد ساعدته وداعته ومزاجه ورقة قلبه المفرطة على ذلك، وكان من يُحبّ رامي يُهدي له في عيد ميلاده أو في أي مناسبة تخصه قطة أو كلبًا أو عصفورًا من نوع جديد لم يكن قد حصل عليه من قبل، ومع هذه الحيوانات إلى جانب الدراسة الجامعية كان يقضي رامي وقته.


نمت تلك الطباع مع نمو رامي وكانت له في طور الرجولة من أكبر منابع المتعة، حتى إنه عندما تزوج لحسن حظه جاء مزاج زوجته موافقًا لمزاجه، فكان بيتهما كأنه حديقة صغيرة فيها من أنواع الحيوانات وألوانها وأشكالها ما يُدهش الأنظار، حتى جاء اليوم الذي اقتنى فيها رامي قطة سوداء كبيرة الحجم بصورة مميزة وجميلة الشكل، فلم يكن في حياة رامي للمعتقدات القديمة والخرافات حول القطط السوداء بأن الجن تسكنها أو أنّ السحرة يتنكّرون بها مجال أبدًا.


الفصل الثاني: القطة السوداء

كانت القطة السوداء الحيوان المدلل والمقرب أكثر إلى رامي، فيطعمه بيده ويلازمه حيثما تحرك في البيت، وبقي على هذه الحال أيامًا عدة، حتى جاء يوم كان فيه رامي معكّر المزاج وحزينًا لمشكلة حدثت معه، واستمرت عدة أيام، فتحاشى الاقتراب من حيواناته، خاصة القطة السوداء، والتي يبدو أنها لاحظت ذلك التغيّر، فحاولت الاقتراب منه وملازمته كالعادة، إلا أنه كان يرفضها، ودون سابق إنذار في لحظة خاطفة انقضت القطة السوداء على رامي وغرست مخالبها في يده، فلم يكن منه إلا أن ضربه بقطعة خشبية كانت بجانبه أردته طريح الأرض.


بعد أن داوت الزوجة القطة الجريحة أمضى رامي ليلته تلك وفي نفسه مزيج من الشعور بالرعب والندم، ففارق النوم جفونه وأخذ يصول ويجول في البيت حائرًا ويلوم نفسه على سرعة غضبه وتهوّره، وبينما هو يسير في غرف البيت شاهد على أحد الجدران رسمًا واضحًا لقطّ عملاق وتوقف مكانه مندهشًا، فهذا الرسم بالتأكيد لم يكن موجودًا قبل ساعات فكيف ظهر ومتى؟


تأكد رامي من زوجته بعدما أيقظها من النوم أنها لا تعرف عن ذلك الرسم شيئًا، واتجه مرة أخرى إلى الجدار ووقف أمامه يتأمله محاولًا أن يجد تفسيرًا لما يرى، وفجأةً شعر رامي بحبل يلتفّ حول رقبته حتى كاد يخنقه، فأصدر أصواتًا يستغيث بها زوجته، والتي ما إن وصلت إليه حتى وجدته على الأرض يلهث واضعًا يده على رقبته وهو يقول: كدت أن أموت.


لم تمضِ تلك الليلة على خير وسلام، فقد بدأت أصوات صراخ قوية تدوي في البيت، لم يعرف لها رامي وزوجته مصدرًا، وأُشعلت النيران حول البيت ثم خمدت دون أن يظهر أثر لأي أحد، هذا كلّه والقطة السوداء تجلس على كُرسيها جاحظة العينين وكأنّ الشرر يتطاير منهما، وتبقى تلك الأحداث المرعبة والمخيفة طوال الليل، ويبتعد فيه النوم عن عيني رامي، وعندما تُشرق الشمس معلنة بدء النهار يُحاول أن يتعافى رامي مما مرّ به في ليلته ويلجأ إلى النوم، وما إن يُغمض عينيه ليستريح قليلًا حتى تُطارده الكوابيس ويُخيل إليه أنّه يرى الأشباح وأنّ هناك من يُريد قتله، فيستيقظ على الفور، وهكذا لم يعد ليل رامي ليلًا ولا نهاره نهارًا، فقد انقلبت حياته رأسًا على عقب منذ تلك اللحظة العينة التي ضرب بها القطة السوداء.


الفصل الثالث: الانتقام الحقيقي

بقيت تلك الأحداث الغريبة تتكرر في كل ليلة على مدار عدّة أيام، حتى غدا رامي إنسانًا خائفًا على الدوام وشاحب الوجه وهزيلًا، وماتت تلك الروح المرحة والطيبة فيه، حتى جاء موعد الانتقام الحقيقي والأكبر؛ ففي ليلة مُقمرة خرج رامي مع زوجته في زيارة عائلية، وعادا في وقت متأخر من الليل، وما إن فتحا الباب ليلِجَا إلى الداخل هجمت القطة السوداء الضخمة على رامي، ودارت معركة حامية بينهما حاول فيها رامي الدفاع عن نفسه بشتى الوسائل، وبدا له أنّ القطة ليست وحدها تحاربه، وإنما معها مجموعة من الأشباح والقطط الأخرى، فلم يستطع مجاراتها وكانت نهايته الهلاك وبجانبه كُتِبَ: "هذا انتقام من أجل القطة السوداء".


ولقراءة المزيد من قصص الرعب: قصة الكوخ المهجور، قصة الدمية الحية.