الفصل الأول: مهمة عمل

"خذا سيّارة البثّ وانطلقا بعد ساعة من الآن، وكونا حذرين أشدّ الحذر فالمكان خَطِر ولا شيء مضمون"، على وقع هذه الكلمات من رئيس تحرير الصحيفة خرج فريد وسعيد من المكتب يتحاوران بجدّية عن خطتهما القادمة، والأدوات التي سيحتاجانها في طريقهما، فهما صحفيان مرموقان يعملان في قسم الحوادث في إحدى الصحف المعروفة، وقد أوكلت لهما مهمة تغطية تحقيقات جريمة مروّعة حدثت في أقاصي إحدى القرى الريفية المنعزلة، والتي تبعد عن المدينة ساعتين ونصف بالسيارة.


جهّز كل من فريد وسعيد حقيبة صغيرة وضعا فيها بعض الأطعمة والحاجيات الأساسية، إلى جانب حقيبة العمل التي تحتوي على الكاميرا ودفترًا وقلم لتدوين الملاحظات والأمور المهمة، وقال فريد وهما يهمّان بركوب السيارة: لأول مرة في حياتي أشعر بشيء غريب وغير مريح لمهمة أؤديها، ردّ سعيد مبتسمًا: لا تقلق، هذا فقط توتر من أهمية المهمة، فإن أتممناها بنجاح فسنصعد درجات كثيرة على سلّم الصحافة، ونحن لها يا صديق. وفي تمام الساعة الخامسة مساءً كانت السيارة تشقّ الطريق الخارجي السريع باتجاه المكان المطلوب وسط صمت ثقيل خيّم على فريد وسعيد.

الفصل الثاني: الكوخ المهجور

قاربت الشمس على المغيب عندما وصل فريد وسعيد حدود الغابة التي يقبع بعدها ببضعة كيلومترات المكان المقصود، لكن حدث معهما ما لم يكن في الحسبان؛ إذ توقفت السيارة وتبيّن أن بطاريتها قد تعطّلت، وما زاد الطين بلّة عدم توفر شبكة وتغطية في المكان الذي وقفا فيه، فلا البثّ من السيارة يعمل ولا حتى هواتفهما يمكن أن يستعملاها ويتصلان بأحد طلبًا للمساعدة.


توقفا أمام السيارة يفكّران ثم قال فريد: لقد قلتُ لكَ من قبل أني لستُ مرتاحًا لهذه المغامرة، المهم ما العمل الآن؟ ردّ سعيد: وأنا الآن بدأت أشعر بأنّ الأمور ليست على ما يُرام، لكن ليس أمامنا إلا أن نُكمل طريقنا سيرًا على الأقدام، مع أنّ ذلك سيستغرق وقتًا طويلًا، إلا أنّه الحل الوحيد، وبالفعل أشعلا أضويتهما اليدوية وانطلقا وسط الغابة وهما يُفكّران بما سيأتي، وتدور بينهما أحاديث يتسليان بها بين الفينة والأخرى.


وبينما كان سعيد وفريد يسيران شاهدا من بعيد كوخًا كبيرًا يبدو أنه يتكون من طابقين، ويقبع وسط الظلام وبين الأشجار كالشبح الكبير، فقال سعيد: يبدو الاستمرار على هذا النحو سيؤدي إلى هلاكنا، الساعة الآن تُشير إلى منتصف الليل، ما رأيك أن نطلب من سكان هذا الكوخ مساعدتنا بإعطائنا بعض زجاجات المياه، وبالسماح لنا أن نبيت عندهم بضع ساعات حتى تشرق الشمس؟ لم يتفوّه فريد بحرف واحد واكتفى بهزّ رأسه معلنًا موافقته.


دقّ سعيد باب الكوخ مرات عديدة لكن دون إجابة، فحاول فتح الباب وكانت دهشته عندما فُتح دون عناء، وقف سعيد وفريد على عتبة الكوخ ينتظران أي شيء قد يحدث، لكن لا يوجد شيء غير السكون، فدخلا على ضوء المصابيح اليدوية التي يحملانها وتأكدا أنّ الكوخ فارغ تمامًا، وقد ملأ الغبار جميع أجزائه، فعزما على المبيت فيه ليستريحا ويستطيعا إكمال الطريق.


الفصل الثالث: لا يوجد تفسير

تناول فريد وسعيد الطعام الذي كانا يحملانه ثم راحا في نوم عميق، وكانا قد اتخذا من إحدى غرف الطابق العلوي مضجعًا لهما، لكن بعد ساعة تقريبًا استيقظ سعيد على صوت صفير عالي النبرة، ونظر إلى جانبه فلم يجد صديقه، وظنّ أنه ذهب ليعرف مصدر ذلك الصوت الذي لم ينقطع حتى اللحظة، فقام سعيد من مكانه وأخذ يسير ببطء حتى وصل إلى السلالم، وهنا كانت المفاجأة؛ فقد رأى حذاء فريد يتحرّك على الدرج وحده، ولا أثر لفريد نفسه.


تسمّر سعيد مكانه ولم يستطع أن يتفوّه بكلمة، فقد كان يُريد مناداة فريد ولم يقدر وصوت الصفير ما زال يملأ المكان، فقرر سعيد أن يبحث عن فريد ونزل إلى الأسفل بخطوات غير متّزنة، فقد ملأ الخوف نفسه، وفجأة صدر صوت صراخ عالٍ وشعر سعيد أنّ أحدًا يمشي خلفه، فاستدار وإذ به يرى صديقه فريد جثة هامدة على الأرض تسبح في بركة من الدماء، وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة مُرعبة، فترنّح سعيد على الأرض خائفًا ومدهوشًا، وأخذ يزحف باتجاه الباب ليهرب، لكنّ الجثّة الهامدة لم تعد كذلك؛ فقد قامت من مكانها وبيدها فأس كبيرة هوت بها على رأس سعيد قسمته إلى نصفين.



ولقراءة المزيد من قصص الرعب: قصة فتاة المقبرة، قصة بيت الأشباح.