جرائم الجزيرة

أصدر مدير مركز أمن اليونان قرار بنقل بيتر من العاصمة أثينا إلى جزيرة سانتوريني، والذي يعمل كمحقق جنائي للكشف عن الجرائم المختلفة منذ أكثر من عشرين عاماً، فور وصوله إلى الجزيرة أنشأ بيتر علاقة جيدة مع سكانها، ممّا أشعرهم بالأمان، كون منطقتهم يرتادها العديد من السيّاح من مناطق مختلفة حول العالم، لذا كانوا يحتفظون برقم هاتفه الخاص ليستطيعوا التحدّث معه كلما احتاجوا له،


في صباح أحد الأيام اتّصل مركز أمن الجزيرة ببيتر وأخبره بوجود جريمة قتل في بناء رقم اثني عشر، وفور وصوله وجد الدماء تتناثر في المكان مع وجود جثة لامرأة أربعينية ممددة أرضاً بعد تلقيها عدة طعنات بسكين مطبخ، وعندما بدأ بالتحرّي لم يجد هنالك أي آثار لكسر قفل الباب، ممّا أرشده بأنّ المجرم يمتلك مفتاح منزلها، وعندها بدأ بيتر بأخذ أقوال جيرانها ممن يسكنون في ذات البناء، والذين أكّدوا بأنها كثيرة الاختلاط مع من حولها، كما أنّها عُرفت بإقامتها للحفلات في منزلها بشكل مستمر، باشر الفريق المعمليّ برفع البصمات من المنزل لإرسالها إلى المختبر الجنائي، وفور ظهور النتائج لم يكن هنالك بصمات على أداة الجريمة أو حتى في المنزل سوى بصماتها وأُخرى غريبة، وعند الاستمرار في التحري وجدت الشرطة بأنّ زوج الضحية كان قد سافر في الليلة الماضية إلى أمريكا، ممّا دعاهم لاستدعائه على الفور للتحقيق معه، فيما انهار هو باكياً فور سماعه بمقتل زوجته، ولمّا أُخذت بصماته تبيّن بأنها مطابقة لتلك التي وجدوها داخل المنزل، باشر بيتر التحقيق معه بالخصوص، فقال الزوج مستهزئاً: إنه ومن الطبيعي وجود بصماتي في مكان أعش فيه..

-وما تبريرك لسفرك قبل اكتشاف مقتل زوجتك بيوم واحد فقط؟

-لقد تلقيت اتصالاً من العمل أخبروني خلاله بضرورة السفر إلى أمريكا، لإجراء بعض المعاملات المهمة.

-مممم لا بد من أنك قتلتها ثم سافرت إلى أمريكا لكي لا تُكشف جريمتك الشنعاء، لكن أخبرني ما السبب وراء قتلك لها؟

أصرّ الزوج على إنكار التهمة الموجهة له، ومع انتهاء التحقيقات كانت أصابع الاتهام تتوجّه إليه فقط، مما اضطرهم لسجنه إلى حين ظهور دليل يثبت براءته

.

البناء رقم تسعة

في أحد الأيام كانت الساعةقد تجاوزت الثانية عشرة بعد منتصف الليل بقليل حين تلقى بيتر اتصالاً من رقم مجهول بيوم إجازته، وعند إجابته كان صوت امرأة مرتبكة تطلب منه البيتزا، فضحك وأخبرها أنّ هذا ليس رقم مطعم، إلا أنها استمرت بالطلب متجاهلة ما سمعته، وقالت له: أُريدها متوسطة الحجم، وقم بتقطيعها لي بسكين حادة، ثم أوصلها إلى الطابق الثاني في البناء رقم تسعة.

بيتر: هيه، هذا ليس مطعم، ألم تسمعيني؟

قالت له: بالطبع، إن منزلي بجانب البناء رقم اثني عشر، أرجوك لا تتأخر إنّنا جائعان.

أغلق بيتر هاتفه وذهب إلى غرفته محاولاً النوم، ولمّا أغمض عينيه تذكّر صوت المرأة وكأن شيئاً من الخوف ظهر في عباراتها جعله يوقن أنها لم تكن مُخطئة بالاتصال، بل كان ذلك نداء استغاثة منها، وبعد تفكير قرّر الذهاب إلى البناء رقم تسعة متنكراً بزي بائع بيتزا حاملاً معه علبة الطعام، وفور وصوله طرق باب المنزل ليفتح له شاب طويل يدعى جورج بدت على وجهه ملامح الارتياح، وصديقته فايا من خلفه تلوّح بيدها محاولة إرسال إشارات لبيتر لعله ينقذها، ولمّا رأى جورج بأن بيتر يحملق من خلفه، استغرب من تصرفه حتى استدار ووجد صديقته تطلب الاستغاثة، وفي تلك الأثناء بدأت تصرخ عالياً:

-أنقذني.. أنقذني إنّه يحاول قتلي.

ضرب بيتر الشاب ضربة عنيفة ألقته أرضاً فيما قام هو بالنهوض ومبادلته اللكمات، إلى أن أمسك الشاب بيتر من قبّتة وأدخله عنوة ثم قيّده مع صديقته فايا برباطٍ على كرسي لم يقويا بعدها على الحركة، طالباً منهما شرح ما يحدث في الوقت الذي كسرت فيه قوّات الشرطة الباب على إثر ما سمعوه من مشادة وشجار بين الرجلين عبر أجهزة التتبّع التي كان قد وضعها بيتر في علبة البيتزا، وقد أُطلق سراح بيتر فيما اقتيد جورج وفايا لمركز الشرطة لمتابعة التحقيقات.


وعندما بدأ بيتر بدراسة ملف جورج اكتشف أنه وصل إلى الجزيرة منذ أسبوع ليلتقي صديقته فايا التي أفادت من خلال التحقيقات معها أنّها تلقت منه تهديدات بالقتل بعد مواجهتها له بحقيقة طقم مجوهرات كان قد أهداه لها بعد وصوله بثلاثة أيام، وذلك بعد اكتشافها بأنه يعود لجارتها التي قُتلت منذ مدة، فقد رأتها ترتديه مرة في أحد الحفلات، حتى قامت مُضطرة بطلب الاستغاثة لتتخلص منه، ومع بدء التحقيقات اقترب بيتر منه وقال: الله الله ثلاث تهم في آن واحد، قتل، واختطاف فتاة ورجل شرطة، وسرقة مجموعة من المجوهرات التي لم يُعرف عنها سوى مكان الطقم الماسيّ حتى الآن.

مثل جورج أمام المحكمة بتهم قتل المرأة التي تقطن في البناء رقم اثني عشر بعد أن قدّم مجوهراتها هدية لصديقته فايا، واختطاف رجل دولة وفتاة من العامة، فيما أنكر الشاب تلك التهم الموجهة إليه وظلّ مُصرّاً على ذلك.

وبعدما حكم مركز أمن الجزيرة على جورج بالإعدام شنقاً بعد أن كان بيتر شاهداً على خطفهما ورأى تصرفه بأُم عينه، بالإضافة إلى إفادة فايا بتهديده لها بالقتل فور اكتشافها لجريمته، طلبت فايا زيارته، ولما سُمح لها بذلك ألقت عليه التحية وقالت شامتة: لقد حذّرتك من اللحاق بي إلى الجزيرة، لذلك تحمّل نتيجة عملك.

حدّق جورج بها والشرر يتقافز من عينيه موقناً بأنّها قامت بارتكاب جريمة قتل المرأة للحصول على بعض المجوهرات بالإضافة إلى تخلّصها من حبيبها السابق بوجود بيتر رجل الأمن كشاهد.