الفصل الأول

ينحدر زياد وزوجته مرام من طبقة اجتماعية متوسطة، وهو رجل أربعيني يعمل في متجرٍ لبيع الألبسة، فيما كانت زوجته مرام فتاة لطيفة راضية بحياتها معه فلم يكن لديها متطلبات، كما أنها كانت دوماً ما تحثّه على فعل الخير رغم بساطة الحال.


لم يكن لدى زياد أقرباء سِوى ابن عمّه جابر الذي كان يملُك عدداً من مصانع الألبسة، بالإضافة إلى عمله في غسيل الأموال التي أكسبه ثروة هائلة جعلته من طبقة غنية جداً، وكان جابر دائم الزيارة لهما، لكن زوجته مرام لم تكن تحبّذ مجيئِه، لعلمِها بعمله الخارج عن القانون، وفي أحد الأيام وأثناء زيارته لهما اقترح على زياد أن يعمل معه لتحسين وضعه المعيشي، ولمّا سمعت مرام ذلك غضبت ورفضت ذلك، إلّا أن زوجها تحمّس للفكرة كثيراً لكنه رفض خوفاً من زوجته، وبعد عدّة أيام اتصل جابر به وطلب مقابلته خارج منزله، وافق زياد وتواعدا في أحد المقاهي.


وعند وصوله، قال له جابر باسماً بمكر: ما زال العرض الذي قدّمته لك قائم، فأنا لم أجد شخصاً أثِقُ به للعمل معه، إلى أن خطرت على بالي فأنت ابن عمّي ولن تخذلني.

قال له زياد: عملي معك سوف يُحسّن من حالتي الماديّة كثيراً، لكن زوجتي لن توافق على ذلك لعلمها بغسيل الأموال الذي تقوم به.

 فكّر جابر قليلاً، وقال له: ما رأيك بأن تعمل معي دون أن تُخبرها بذلك، وإن سأَلَتْكَ عن ازدياد ثروتك قُل لها أن صاحب المتجر قد زاد من أجرك.

وافق زياد على الفكرة، وترك عمله في متجر الألبسة ليعمل مع ابن عمّه في الممنوعات، وبقي على ذلك الحال عدّة أشهر، وحالته المادية في تحسّنٍ كبير، لاحظت مرام هذا التغيّر وبدأت تسأل نفسها عن قيمة الزيادة الشهرية التي زادها له صاحب المتجر إلى أن قررت مواجهته بذلك، فارتبك زياد كثيراً وقال لها: إنّ صاحب العمل قرر مكافئتي تقديراً لجهودي وأصبح يُعطيني ضعف راتبي السابق.


الفصل الثاني

لم تصدق ما قاله لها، لكنّها قررت أن تصبِر لحين ظهور الحقيقة، وبعد أسبوعين وصل طردٌ بريدي على عنوان المنزل، فقررت مرام فتحه وعندما فتحته اكتشفت أنه بريد عمل باسمه وباسم ابن عمّه، عندها عرفت أنهما يعملان سويّاً، فانتظرت حتى عودة زوجها من عمله لتواجهه، وعند وصوله برّر ذلك موضحاً لها كمية المال الوفير الذي يتقاضاه من عمله معه، غضبت مرام مما سمعته لبرودة أعصابه ناصحةً إياه بترك العمل معه فمثله لا يوثق به، فشخص كهذا يعمل بالممنوعات يجب أن يبقى الإنسان منه على حذر، وأن يتوقع منه الأسوأ، غضب زياد وحذّرها من أن تتكلم عن ابن عمّه بهذه الطريقة موضحاً لها رغبته بالاستمرار في العمل معه، وقامت بتخييره بينها وبين ذلك العمل، إلّا أن طمعه في الحصول على المزيد من المال جعله يختار العمل، حزنت كثيراً من قراره غير المتوقع، ولم تصدّق أذناها ما قاله، ثم تركت له المنزل وغادرت، ومع كلّ ذلك لم يحرك ساكناً وبقي سارحاً يفكّر بالمال.


علِمَ جابر بما جرى مع ابن عمّه وطلب منه ألّا يحزن، فالمال أهم من كل شيء، وعرض عليه السفر معه لإجراء صفقة كبيرة ستدرّ عليهم الكثير من المال، وافق زياد كونه لم يعد هناك من ينتظره في البلاد، وسافرا معاً، وبدأت الصفقات تتوالى عليهما، وأموالهما تتضاعف وتزداد شيئاً فشيئاً.


الفصل الثالث

في أحد الأيام، قام ابنا العم بإجراء صفقة تجارية كبيرة جداً حصل كل واحد منهما على إثرها على أربعة ملايين دولار، وفور انتهاء الصفقة اقترح جابر عليه الذهاب للاحتفال سويّاً، إلّا أنّ زياد طلب منه وضع حقائب الأموال في البنك ثم الخروج للاحتفال، رفض جابر الاقتراح وقال له: أن الوقت قد تأخر على ذلك، لنذهب الآن للاحتفال وغداً نذهب سويّاً لإيداع الأموال.

وافق زياد على هذا الاقتراح، وذهبا لشراء الطعام للجلوس في إحدى المناطق الحُرجية، وعند وصولهما أغرى منظر الدولارات المتكدّسة جابر ليقوم بأخذ رزمة إضافية منها دون أن يشعر ابن عمّه زياد بذلك، لا سيما أنّه يعلم أن زياد شاب بسيط لم يتعلّم أمور الحساب جيداص لخروجه من المدرسة بسنٍّ مبكرة، فتحجّج بنسيانه للمشروبات وطلب من زياد الذهاب لشرائها، فيما مدّ هو يده خلسة إلى الحقيبة وتناول رزمة من المال تتجاوز العشرين ألف دولار، وفي ذات الوقت كان زياد قد عاد مسرعاً فرآه بذلك الحال، ارتبك جابر ولم يعرف كيف يتصرف وعند مواجهة زياد له بالأمر احتدّ النقاش، وتطوّر إلى شجار قام جابر على إثره بسحب مسدّس كان لا يبارح وسطه وقام بقتل ابن عمّه بدم بارد، ثمّ دفنه تحت شجرة من الأشجار، وهو يترقّب الأجواء من حوله خوفاً من أن يراه أحد، وعندما اطمئن بأنّه أنهى مهمّته دون أن يراه أحد غادر المكان مصطفاص على قارعة الطريق وبدأ يأكل الطعام ويشرب المشروبات التي أحضرها زياد، وعندها بدأ يشعر بألمٍ غير مبرّر في بطنه وما لبث إلا أن توفّى، ليتبيّن بعدها أنّه توفيّ إثر جرعة من الزرنيخ القاتل الذي كان قد دسّه له زياد خلسة في طعامه للتخلّص منه هو الآخر وسرقة أمواله.