الفصل الأول: جريمة خطف

في صباح يوم الأحد كانت سالي منهمكة في ترتيب المنزل وتنظيفه تجهيزًا لاستقبال والديها اللذين سيعودان يوم غد من السفر بعد رحلة عمل شاقّة، وسالي هي الابنة الوحيدة لوالديها وتبلغ من العمر اثنين وعشرين عامًا، وتسكن مع عائلتها في بيت من طابقين وفيه حديقة خارجية جميلة في إحدى الضواحي المترامية على أطراف المدينة قُرب الطريق الخارجي.


شعرت سالي بالتعب بعد أن أنهت كل ما هو مطلوب منها تجهيزه، فقررت مكافأة نفسها بتحضير كوب من الشاي واحتسائه في الحديقة مع نسمات الهواء العليلة ومناظر المروج الخضراء الجميلة أمامها، وبينما هي جالسة تتأمل في الطبيعة رنّ هاتفها الذي فطنت أنها نسيته في الداخل، فدخلت إلى البيت وتركت الباب مفتوحًا للعودة إلى الخارج مرة أخرى حالما تُنهي المكالمة.


أنهت سالي مكالمتها التي لم تستمرّ سوى دقائق معدودة ثم وضعت الهاتف في جيبها، وما إن أدارت وجهها لتخرج إلى الحديقة وإذ بها تتفاجأ برجل يلتفّ بالسواد وبيده عصا، وقبل أن تنطق بكلمة واحدة هوت تلك العصا على رأسها بقوّة أسقطتها على الأرض فاقدة للوعي. ومرّ وقت لم تدرِ سالي مدّته عندما استفاقت ولم تدرِ أين هي، وشيئًا فشيئًا تذكّرت ما حصل معها والرجل الذي رأته في المنزل، وتبيّنت فيما بعد أنّها في الصندوق الخلفي لسيارة، فسرت في جسدها كلّه رعشة قوية.


الفصل الثاني: طوارئ 911

أخذت سالي تتحسس حولها علّها تجد شيئًا يمكن أن يُنقذها، فلم تجد سوى عبوة كبيرة من الماء، وفجأة تذكّرت أنها وضعت هاتفها في جيبها، فشعرت ببعض الأمل وأخرجته من جيبها وعلى الفور طلبت رقم الطوارئ 911، فجاءها الرد سريعًا: كيف يمكنني المساعدة؟ فأجابت سالي بصوت منخفض: أنا سالي، تعرّضت للخطف وأنا في صندوق سيارة لا أعلم في أي شارع تسير، أرجوكم ساعدوني، قال الضابط: حسنًا اهدئي وابقي معي على الخط، تحسسي مكان الضوء الخلفي للسيارة وحاول كسره لتتمكني من رؤية الشارع الذي أنت فيه.


بالفعل نفّذت سالي ما طُلب منها وعرفت أنها في الطريق الخارجي وأخبرت الضابط بذلك، فأجابها: والآن حتى نستطيع تتبعكِ ومعرفة المكان الذي ستصلين إليه إن كان في الصندوق شيء سائل اسكبيه من فتحة الضوء، وستنطلق خلفها سيارات الشرطة الآن، وكما أمر الضابط فعلت سالي، لكن وَقَعَ ما لم يكن بالحسبان؛ سائق السيارة التي كانت تسير بجانب السيارة التي تُقلّ سالي أخبر الخاطف أنّ هناك ماء يسيل من خلف السيارة.


وقف الخاطف على جانب الطريق وأدرك الخطة التي نفذتها سالي، ففتح الصندوق والشرر يتطاير من عينيه، وكانت سالي قد أخفت الهاتف في جيبها سريعًا حتى لا يراه، فضربها على رأسها مرة أخرى لتفقد الوعي، ثم أغلق الصندوق وانطلق مسرعًا حتى وصل إلى كوخ كبير قديم يملكه، وهو كوخ مخفيّ محاط بأشجار كثيفة وبعيد عن كل شيء، فنزل من السيارة وحمل سالي التي ما زالت فاقدة للوعي بين يديه ودخل إلى الكوخ.


الفصل الثالث: القبو

في تلك الأثناء كان الضابط قد ترك الخط مفتوحًا وعرف أنّ الخاطف وصل إلى مكان معيّن، فاستطاع تحديده من خلال الأقمار الصناعية، فانطلق في سيارة الشرطة مع قوة خاصة إلى المكان المحدد على أمل إنقاذ سالي بأقصى سرعة ممكنة، وبعد 15 دقيقة وصلت الشرطة برئاسة ذلك الضابط وأحاطت بالمكان من جميع الجهات، واقتحموا الكوخ بمهارة عالية، إلا أنّ المفاجأة كانت أنّه فارغ ولا أثر للحياة فيه.


فتّشت الشرطة المكان كلّه ولا وجود لا للخاطف ولا لسالي ولا لأي من آثارهما، فشعر الضابط بحيرة كبيرة ووقف يفكّر بالأمر ويحدّث نفسه: هل يُعقَل أن تكون إشارات الأقمار الصناعية خاطئة، غير ممكن، وبذلك لم يجد حلًا وتفسيرًا لما جرى، فأمر القوات بالخروج من المكان، وبقي هو وحده يُلقي نظرة أخيرة فيه، وفجأة لمح في زاوية من الزوايا يدًا تشبه يد الباب على الأرض، فاقترب منه وأدرك أنّ هناك مكانًا تحت الأرض، ففتحه وانكشفت أمامه سلالم تصل إلى القبو.


نزل الضابط بهدوء على السلّم، ولما وصل إلى نهايته كانت المفاجأة؛ رأى غرفة ضخمة تشبه مختبرًا كيميائيًا يبدو أنّ الكثير من الخطط والجرائم تُحاك فيه، وعلى جُدرانه ملصقة صور فتاة شقراء جميلة، وفي إحدى الزوايا يوجد كرسيّ كانت تجلس عليه سالي مربوطة بالحبال وعلى فمها لاصق يمنعها من إصدار أي صوت، وبجانبها يقف رجل لم يتبين معالم وجهه يُمسك بيده سكينًا يقطع بها جبهة سالي، فأسرع الضابط لإنقاذها وأحكم قبضته على الرجل من خلفه، فوقعت بينهما مشاجرة قوية.


خارت قوى ذلك الرجل واستطاع الضابط الإمساك به بعد أن خارت قواه أيضًا، فسأله عمّا يفعل فأجاب: سالي تشبه حبيبتي التي ماتت منذ مدة ولم أستطع نسيانها أبدًا، ولما رأيت سالي أردت أن أجعلها نسخة منها وتشبهها في كلّ شيء، وفجأة اختفى الرجل من المكان دون أي تفسير وسط هشة الضابط، الذي بقي ملقى على الأرض منهكًا مما حدث.



ولقراءة المزيد من قصص الغموض: قصة جرائم الجزيرة، قصة ثمن الخيانة.