الفصل الأول: المنزل الجديد

كانت تعيش سوسن الفتاة الجامعية ذات العشرين ربيعًا مع والدَيها وشقيقتَيها حنان ونسرين حياة ذات مستوى اجتماعي ومادي مرموق؛ فالوالد رجل أعمال معروف حقق ثروة كبيرة وسعى جاهدًا لتأمين مستقبل عائلته الصغيرة، وكانت سوسن بين فتيات جيلها تعدّ فتاة محظوظة وسعيدة؛ لطالما كانت تملك كل ما تريد في الحياة وتحقق كل ما تصبو إليه نفسها، فكل ما تحلم به يكون حاضرًا أمامها.


وكثيرًا ممّن تعرّفت بهنّ سوسن في الجامعة كُنّ يُضمِرْنَ لها مشاعر الحقد والحسد ويتمنّين في قرارة أنفسهنّ أن تتحول حياتها إلى جحيم وتنقلب رأسًا على عقب، فيتحالف القدر معهنّ وتبدأ أمنياتهنّ بالتحقق شيئًا فشيئًا عندما تقرر عائلة سوسن الانتقال إلى منزل آخر مساحته أكبر وبحديقة واسعة وأكثر فخامةً ليُناسب الوضع الاجتماعي الذي تتمتع به العائلة؛ فمنذ الخطوة الأولى التي خطتها سوسن إلى هذا المنزل -خاصةً حديقته الواسعة- شعرت بضيق مفاجئ وبقبضة قلب غريبة لم تشعر بها من قبل، وظلّ ذلك الشعور ملازمًا لها حتى حلّت الكارثة الكبرى فيما بعد.


الفصل الثاني: الحديقة الغامضة

منذ أن دخلت سوسن إلى حديقة المنزل الجديد وهي تخشاها للغاية؛ فقد كان في داخلها شيء ما يطلب منها ألا تمكث في هذه الحديقة كثيرًا؛ خاصة في الليل، وقد أخبرت والديها بما تشعر به فضحكا ضحكةً طويلةً ثم قالت والدتها: ما بكِ يا سوسن لقد كبرتِ على مثل هذه القصص الطفولية، أما والدها فقال: الجُبن والخوف ليسا من طِباعكِ يا سوسن، يبدو أنّ هذه حيلة منكِ لتُثيري جوًا من الرعب، لكنّي أؤكّد لكِ أنّك لن تُفلحي في ذلك.


لا أحد من العائلة يُصدّق سوسن بما تقوله لهم عمّا تشعر به من ضيق وشعور غريب من حديقة المنزل على وجه الخصوص، خاصةً وأنّ شقيقتها الأصغر منها حنان كثيرًا ما تجلس في الحديقة لتقرأ الكتب ووالدتها تسقي الزهور وتهتمّ بالنباتات المزروعة فيها، والجميع يعيش حياته الطبيعية فيها دون أن يحدث لأي منهم مكروه أو أي أمر غريب. وقد مرّت الأيام والشهور وبقيت تلك الهواجس حبيسة في نفس سوسن دون أن تجد لها تفسيرًا، وظلّت تتحاشى الوجود في الحديقة كثيرًا وتتجنّب النظر إليها من نافذة غرفتها التي تطلّ عليها.


وفي يوم من الأيام في تمام الساعة الرابعة والنصف عصرًا عادت سوسن من جامعتها مُنهكة جدًا ومتعبة، ووجدت أسرتها مجتمعة بانتظارها لتناول الغذاء في الحديقة التي كانت بالنسبة لسوسن الحديقة الغامضة، وبالرغم من مشاعرها تجاه المكان إلا أنها جلست مع عائلتها وتناولوا الطعام معًا، ثم استأذنت لتصعد إلى غرفتها وطلبت ألا يوقظها أحد حتى تستيقظ وحدها، وقد ضبطت المنبه ليوقظها في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً.


راحت سوسن في نوم عميق من شدة التعب ولم تتمكن من الاستيقاظ في الوقت الذي حددته لنفسها فتضغطت على زرّ "الغفوة" كلّما علا صوت المنّبه طالبًا منها النهوض، لكن فجأة اختلط جرس المنبه بصوت صراخ مزعج يبدو قريبًا منها، ولم تُدرك سوسن لحظتها هل كان الصوتُ حقيقيًا أم أنها تحلم، لكن بدأ مصدر الصراخ يقترب أكثر لتنهض مسرعة من سريرها والعرق ينصبّ من جبينها صبًا والرعب يسري في جسدها، فذلك الصوت تعرفه جيدًا؛ إنه صوت شقيقتها نسرين.

الفصل الثالث: بأي ذنب؟

وقفت سوسن في منتصف غرفتها لا تدري ما الذي عليها فعله، لكنها لا إراديًا توجهت إلى النافذة وفتحتها لتجد في الحديقة أكثر مشهد مُرعب وبشع مرّ عليها في حياتها؛ والدها ووالدتها وشقيقتها نسرين جميعهم يسبحون في بركة كبيرة من الدماء وأجسادهم مهشّمة؛ فتجمّدت مكانها للحظات ثم هرعت إلى باب الغرفة تُريد أن تنزل إلى الحديقة الغامضة لترى ما الذي حلّ بعائلتها.


ما إن فتحت سوسن باب الغرفة حتى تلقّت الصدمة الأخرى التي شلّت حركتها؛ شقيقتها حنان ملقاة أمام الباب والسكينة مغروسة في عنقها، فلم يكن من سوسن إلا أنها ضمّت شقيقتها إلى صدرها وهي تبكي بحرقة حتى سقطت بجانبها مغشيًا عليها. استيقظت سوسن في اليوم التالي ووجدت نفسها مكبّلة على سرير في مكان غريب، لتكتشف فيما بعد أنه تم إيداعها في مستشفى للأمراض العقلية، قسم الحالات الخطرة، وهي متهمة بقتل جميع أفراد أسرتها بطعنات في الرقبة والصدر.


حاولت سوسن أن تقنع من حولها أنها بريئة من تهمة شنيعة كهذه، وأنّ هناك أمرًا غامضًا في حديقة المنزل الغامضة كان السبب في ما حدث لأسرتها، لكن كل محاولاتها في الدفاع عن نفسها ذهبت هباءً منثورًا، لتقرر أخيرًا أن تُنهي حياتها وتلحق بأفراد أُسرتها وهي متأكدة أنهم الوحيدون الذين سيصدقون أنّها بريئة ولا ذنب لها.