الفصل الأول

في اليوم الأخير من شهر أكتوبر جلس المعلم لتصحيح أوراق امتحان الرياضيات لمنتصف الفصل، وعندما وصل إلى فصل الثاني عشر ظهرت على وجهه علامات الاستغراب، وقال في نفسه: لم هناك 20 ورقة فقط؟ وهذا الفصل فيه 21 طالباً!، قام المعلم من مكانه واتجه للفصل لسؤالهم ما إن كان قد تغيّب أحدهم عن الامتحان، وكان الجواب لا! فجميع الطلاب الـ21 قد حضروا الامتحان وسلموا أوراقهم، وفي طريق عودة المعلّم سالم إلى المكتب تعثر وسقط عن الدرج، فكُسرت قدمه وأصبح قعيد المنزل، وبعد ثلاثة أيام اتصل برئيس الفصل خالد:

-خالد أريدك أن تكون مسؤولاً على الفصل حتى يأتي المعلم الجديد، أعتقد أني سأجلس في البيت لمدة شهر حتى أتعافى من الإصابة.

-حسناً أستاذ، بالشفاء.


الفصل الثاني

في اليوم التالي، استيقظ خالد من النوم في الثامنة صباحاً، تناول فطوره، ولبس ملابسه، وانطلق إلى المدرسة، وعند وصوله إلى الفصل، حيّا زملاءه وقال: معلمنا في المستشفى، لذا سأكون مسؤولاً على الفصل حتى يأتي المعلم الجديد، اجلسوا رجاءً حتى أسجل الحضور.

بدء خالد بتسجيل الحضور: "جيد، جميعنا هنا اليوم"، قال خالد واتجه لمكتب المعلمين لتسليم ورقة الحضور، استلم المعلم وسيم من خالد الورقة، وقال: 21؟ هل انتقل أحد إلى فصلكم مؤخّراً يا فتى؟

استغرب خالد من السؤال وقال: لا أستاذ وسيم، فعددنا 21 منذ بداية السنة.

-ههههه يافتى هل تمزح؟ كل فصل يتّسع لـ20 طالب فقط، اذهب وتأكد من العدد.

دخل خالد إلى الفصل وبدأ بعد الطلاب، 18..19..20...21! نظر سامي إلى خالد وقال: لماذا أنت مستغرب؟

-الجميع يقول أن فصلنا مكون من 20 طالب، ونحن 21 من بداية السنة، هل هذا معقول؟؟!

-ههه ماذا تقول؟ وضحك ساخراً ثمّ أضاف: أتراه شبحاً مثلاً؟

-أعتقد ذلك.

اصفرّ سامي وهو يفكّر في كلام زميله، فيما خرج خالد من الفصل وذهب إلى مكتبة المدرسة يبحث فيها حتى عمّا يعينه على كشف اللغز، فلمح كتاباً بعنوان (3 علامات تدل على وجود الأشباح)، جلس خالد يقرأ الكتاب بتمعّن، وأخذ بعض الملاحظات على ورقة، وخرج من المكتبة مسرعاً يتمتم: سأتأكد من وجود الشبح اللعين قبل أن يؤذي أحداً!


-أول علامة: درجة حرارة أجسام الأشباح منخفضة جداً، حسناً سأبدأ من هنا، قال خالد وهو يطوي الورقة ويرجعها في جيبه، وأكمل طريقه إلى غرفة ممرضة المدرسة، واستعار منها ميزان حرارة، واتجه إلى الفصل "يا طلاب سأفحص درجة حرارتكم لضمان سلامة الجميع، اجلسوا في أماكنكم رجاء"، قال خالد وتفحص ردات فعل جميع الطلاب على كلامه فلم يصد ما هو غريب، ثمّ بدأ بفحص درجة حرارة الطلاب واحداً تلو الآخر، 37 جيد، 37.5 جيد، 36 جيد، ماذا؟ 32؟؟ نظر خالد إلى مالك وقال باندهاش: تعال يا مالك دعني أفحصك مرة أخرى! نظر مالك إلى خالد بكل برود: هل تعطل الجهاز على دوري؟ لا أريد! يكفي مرة واحدة! وقام من مكانه وغادر الفصل نظر خالد إلى مالك وهو يخرج وقال: معقول؟؟ علي فحص باقي العلامات للتأكد.


الفصل الثالث

وفي اليوم التالي وبينما كان خالد يتّجه إلى الفصل سارح البال سمع صوتاً غريباً قادماً من مختبر العلوم، فدخل إلى المختبر متوجّساً ليجد مالك يردد كلمات غريبة انقطع عنها فور دخول خالد.

-مالك؟ ماذا تفعل هنا؟ إنه ليس وقت حصة العلوم!

-هيه أنت! هذا ليس من شأنك، ثمّ ما بالك أصبحت تتدخّل فيما لا يعنيك في الآونة الأخيرة!!

وهمّ مالك بالخروج من المختبر لكنّ خالد أمسك يده محاولاً متابعة الحوار معه علّه يكشف له شيئاً، ففاجأه ملمس يده الهلاميّ، وكأنها يد خالية من العظام، صرخ مالك بعد أن سحب يده وخرج من المختبر راكضاً، وأغلق الباب خلفه بقوة، نظر خالد إلى الباب وقلبه يكاد يقف ممّا أحس، وتذكر العلامة الثانية والثالثة، وهي ترديد الكلمات الغريبة بلغة غريبة جداً، وخلو اليد من العظام! وهي العلامات التي ظهرت على مالك! تأكد خالد من أن مالك هو الشبح، فركض خالد إلى الفصل وهو يبحث عن سامي ليخبره، وعندما وجد سامي قال ونفسه يكاد ينقطع من شدّة اللهاث:

-سامي سامي لقد وجدت الشبح!

-حقاً؟ أمتأكد أنت؟؟؟

-نعم نعم، إنه مالك، لقد تأكدت من جميع العلامات!

-ماذا علينا أن نفعل الآن؟!

-لا أعلم، هيّا بنا نواجهه ونفهم منه.

-هيّا.


الفصل الرابع

دق جرس الاستراحة لحظة خروج خالد وسامي لمواجهة مالك، لكنّ معلم الفن الذي التفت إليهم بعد ان اعترض طريقهما قال: خالد، سامي هل يمكنكما مساعدتي قليلاً؟ أريد أن أنقل هذه الصناديق إلى غرفة نادي الفنون، أراد الفتيان الاعتذار، لكنّ خجلهما منهما من ذلك فوافقا، وبدأا بنقل الصناديق إلى الغرفة على عجلة، وعندما وضعا آخر صندوق في غرفة النادي لفتت صورة معلقة على جدار الغرفة انتباه خالد، وعندما ركز في الصورة اتسعت عيناه، وشحب وجهه، وبدأ بالارتجاف، لاحظ سامي أن خالد يحدق في الجدار دون حراك، فوقف بجانبه ونظر إلى الصورة التي كان خالد يحدق فيها وقال بصوت مرتجف: أليس هذا مالك؟؟ انظر إلى تاريخ الصورة 1998! هل هذا معقول؟، سمع المعلم حديث خالد وسامي وسألهما بدهشة: كيف تعرفان مالك؟

-مالك؟ كيف تعرف مالك يا أستاذ؟!

-لقد تم التقاط هذه الصورة لأعضاء نادي الفن عام 1998، وقد كنت المعلم المشرف على النادي حينها، وهذا مالك رئيس النادي، ولكنه توفي إثر حريق شبّ في هذه الغرفة لم يعرف أحد سببه، لقد كان طالباً مميّزاً بحقّ.

صُعق الولدان ونظرا إلى بعضهما البعض، وركضا إلى الفصل للبحث عن مالك، ومعلم الفن يناديهما من بعيد" خالد، سامي أخبراني ما القصة أيُّها الولدان!"

تابع الولدان الركض حتى وصلا الفصل، لكنهما لم يجدا أي أثر لمالك! لا مقعده، ولا كتبه، ولا حقيبته، ولا حتى أحد يتذكره!!!.