الفصل الأول: المجمّع السكنيّ

ليث شاب يبلغ السابعة والعشرين ربيعاً ويعمل في مكتب عقارات، ودائماً ما يستيقظ من الصباح الباكر ويرجع إلى بيته في وقت متأخر من الليل، ولبُعد مكان عمله قرر الانتقال إلى منزل صغير قريب من مكان عمله، وفي يوم انتقاله جهز ليث حقائبه وهَم بالخروج متجهاً إلى منزله الجديد.


وصل ليث إلى المجمع السكني المقصود، ووقف داخله متعجباً من شكله، فقد كان يبدو فخماً من الخارج، على عكس داخله المتهالك، تجاهل ليث هذه الملاحظات ودخل إلى المجمع باحثاً عن شقته، وفي طريقه حيّته إحدى النساء، وعرضت عليه المساعدة: أنا اسمي ريم وأعيش في الشقة 501، هل تريد مساعدة؟ تبدو جديداً على المكان، ابتسم لها ليث وقال: نعم أرجوكِ، شقتي رقمها 503 كيف يمكنني الوصول لها؟

-تفضلّ، باتت قريبة.


مشت ريم وتبعها ليث، كانت ريم امرأة في منتصف العمر، هي ثرثارة بعض الشيء، ومع ذلك كان ليث شاكراً لها للمساعدة، دخل شقته وبدأ في تفريغ أمتعته، وبعد ساعتين طُرق باب الشقة، ففتح ليث الباب وإذا بشاب وسيم: مرحباً، سمعت من ريم أنك انتقلت هنا اليوم، اسمي عادل.

-تشرفت بمعرفتك عادل، أنا ليث.

-سنقيم لك حفلة ترحيب أنت والفتاة التي انتقلت إلى شقة 506، نحن نرحب بجميع السكان الجدد هنا، ما رأيك؟

-حسناً، سأكون سعيداً بالتعرف على الجميع.

-ألقاك في السابعة مساء في شقتي رقم 500.


الفصل الثاني: سكّان المجمع

في تمام الساعة السادسة تجهّز ليث للخروج ومقابلة جيرانه الجدد، وقرّر النزول للبقالة لإحضار بعض العصائر لمشاركتها مع الجيران، خرج من غرفته وفي طريقه للخارج لاحظ أن باب شقة 504 مفتوح، لم يقصد ليث سماع أي شيء، ولكنه سمع حديثاً منبعثًاً من تلك الشقة، لقد كان الصوت منخفضاً بعض الشيء ولكنه سمع كلمات مثل "اليوم، الساعة الثانية عشر، يجب أن نخفي الجثة"، اتسعت عينا ليث لكلمة جثة، ولكنه ظنّ أنه سمعها بالخطأ، فأكمل طريقه واشترى بعض الفاكهة والعصير، وعند عودته وجد قطة على الأرض، كانت تلك القطة تلفظ آخر أنفاسها، شعر ليث بالحزن عليها فالتقطها ودفنها ليس ببعيد.


اتجه ليث إلى شقة عادل ودقّ الباب، فاستقبله عادل وكانت الشقة ممتلئة نوعاً ما، عَرّف عادل ليثاً على الجميع، فيما كان ليث سعيداً بالصحبة الجديدة، ولكنّه تذكر الحديث الذي سمعه من شقة 504 وسأل عادل والموجودين عن سكان هذه الشقة، فقالوا له أنّ امرأة عجوزاً تسكن هذه الشقة، ارتاح ليث لأن ما سمعه كان صوت رجل قادم من الشقة ففكر في أنّ ما سمعه ربّما كان من التلفاز.


مضى الوقت بسرعة وعندما أصبحت الساعة الثانية عشر، استأذن عادل للخروج قليلاً، غاب عادل لنصف ساعة تقريباً، كان الأمر غريباً بعض الشي لأنه ترك جميع الضيوف وذهب، وعندما رجع كان الجميع يهمّون بالعودة إلى منازلهم، مشى ليث إلى شقته وتبعته فتاة مشت إلى جانبه: وقالت: مرحباً أنا سارة، انتقلت إلى الشقة 506 الأسبوع الماضي، أعمل كمحققة.

-أهلاً سارة، أنا ليث وانتقلت إلى هنا اليوم، وأعمل في مكتب عقارات.

-لقد رأيتك وأنت تدفن تلك القطة، هل تعرف لماذا ماتت؟

-لا، ولكنني شعرت بالحزن عليها.

-هناك من يسمّم جميع القطط في هذا المجمع، وهذه كانت القطة السابعة، مممم!

شعر ليث بالقشعريرة تسري في جسمه بعد سماع كلام سارة، رجع إلى شقته بعد أن ودّعها ونام.


الفصل الثالث زيارة لعيادة الأسنان

في الساعة التاسعة صباحاً خرج ليث متجهاً إلى عمله وقد قابل عادل في طريقه، وفيما كانا يمشيان معاً لمكتب عقارات ليث في المبنى المجاور لعيادة عادل للأسنان، ركض رجل قصير القامة، كريه الرائحة، بشع المظهر، ووقف أمام ليث وعادل وهو يلهث: سيد عادل، لم أجد الجث... سكت الرجل عندما انتبه لوجود ليث، فضحك عادل وقال: ما بالك يا صالح لماذا تركض في الصباح الباكر؟ توتر الرجل وقال: ههه لا شيء كنت أمزح فقط، تظاهر ليث بعدم سماع حديثهما وأكمل مشيه تاركاً عادل وصالح معاً بعد أن اعتذر لهما بأنّه سيتأخّر على عمله.

-هل تظنه سمع؟!

-لا أعلم!! لمَ جئت تركض بهذه الطريقة!! ألم تنتبه على وجوده!!

-لا، أنا آسف سيد عادل.


أكمل عادل طريقه وباله مشغول من أن يكون ليث قد سمع الحديث أو فهم كلام صالح، وبعد تفكير طويل قرّر دعوة ليث لعيادته لمحاولة اكتشاف ما إذا كان قد سمع أم لا، فأرسل له رسالة نصية يطلب منه فيها أن يعرج عليه في عيادته ليحتسيا فنجان قهوة معاً، فوافق ليث على القدوم بعد انتهاء الدوام، ووصل إلى المجمع الذي يضمّ عيادة عادل، وأثناء صعوده إلى الطابق الذي هي فيه شعر بأنوار المصعد تنطفئ لحظة وتضيء لحظات فيما سمع صوتاً وكأنّ تماساً كهربائياً حلّ بالمصعد، وقبل أن يمسك هاتفه ليتصل بعادل ليستطلع أمر المصعد هوى به المصعد فجأة ثم توقف.


شهق ليث وخرج سريعاً يحمد الله على النجاة دون أن يعرف في أي طابق استقرّ به هذا المصعد اللعين، وعند خروجه وجد نفسه في ممرّ ضيّق شبه مظلم في نهايته باب ظنّ أنّه سيقوده للطوابق العليا، ولما فتحه وجد نفسه في غرفة باردة تحتوي على ثلاجات فيها أعضاء لبشر! وتحت كلّ عضو اسم شخص! أذن فاطمة! كبد خالد! يد ريم! ريم؟؟! ريم التي تسكن بجانبي! فعلاً فأنا لم أرها منذ أسبوع تقريباً! قال ليث في نفسه، وقد شعر بالرعب وعندما همّ بالهروب اصطدم بعادل وصالح اللذين شاهداه بكاميرات المراقبة المثبّتة في زوايا الغرفة، أُغلِق الباب، وأُطفئت الأنوار، وجاء صوت خافت يقول: لقد شاهدت وسمعت شيئاً لم يكن عليك مشاهدته ولا سماعه!


فيما تجلس سارة على مكتبها لتحقق في سلسلة قضايا الاختفاء التي تحدث في مجمعهم السكني، دون أن تدري أنّها التالية...