الفصل الأول: رحلة في القطار

التذاكر الأربعة الآن أصبحت مع رامي يحملها عائدًا إلى المنزل وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة حنونة؛ ليُفرح طفليه وزوجته ويُخبرهم بتمكّنه من حجز رحلة في القطار بين أرجاء الطبيعة بعد ثلاثة أيام إلى إحدى القرى السياحية الخلّابة والإقامة في الأكواخ الجميلة المنتشرة فيها مدة خمسة أيام.


لما دخل رامي إلى المنزل أخذ يُنادي بصوت مرتفع: يا سعيد يا أحمد أين أنتما؟ عندي لكما مفاجأة كبيرة، وقبل أن ينطق بكلمة أخرى كان الطفلان يقفان أمامه واللهفة تبدو على مُحياهما، ولما شاهدا التذاكر راحت تنطلق منهما صرخات الفرح والسعادة، وحضناه وهما يقولان: شكرًا بابا، أنت أجمل أب في العالم، وهنا أطلّ وجه سماح من المطبخ وعرفت بالأمر، فأرسلت إلى رامي قُبلة في الهواء وعادت لتُكمل تحضير الطعام.

الفصل الثاني: حادث مروع

"لقد اقترب موعد انطلاق القطار، هيّا لا نريد أن نتأخر"، هكذا كان يقول رامي وهو يقف على باب المنزل ويحمل الحقائب، فردّت سماح: لقد انتهينا يا رامي، على مهلك علينا"، وبعد عدة دقائق كانت العائلة تستقلّ السيارة باتجاه محطة القطار، والطفلان سعيد وأحمد -ويُشاركهما رامي وسماح في بعض الأحيان- يغنّيان ما يُغنَّى عادة في الرحلات.


ركن رامي السيارة في المكان المحدد للاصطفاف، ونزل الجميع منها متّجهين نحو المكان الذي ينبغي أن يركبوا منه، ولما وصلوا قدّم رامي التذاكر وصعدت العائلة واتخذ كل واحد مقعده، وقد كان القطار من القطارات الحديثة والسريعة، والمقاعد مقابل بعضها، فكان أحمد وسعيد منبهرين انبهار الطفولة بكل ما هو غريب عنها.


الجميع جالس وصوت صفارة الانطلاق يصدح في المكان، وأحمد وسعيد يُصفقان بحرارة وسعادة، بينما رامي وسماح ينظران إليهما بحب وحنان، بعد مضي نصف ساعة تقريبًا من سير القطار بين المناظر الطبيعية الجذابة قال أحمد ابن السنوات العشر فجأة: أريد أن أبقى في القطار، لا أريد العودة إلى المنزل، ضحك سعيد الأصغر منه بعامين وقال: وأنا يا أحمد لا تنساني، خذني معك إلى أيّ مكان تريد أن تذهب إليه.


لم يكن يعلم سماح ورامي أنّ ما قاله أحمد وسعيد تحقق ولكن بطريقة غير التي أرادوها وتوقّعوها، فبعد مرور 10 دقائق فقط كان خبر اصطدام قطارين والحادث المروّع الذي حدث وأدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى يُتناقَل على مختلف الوسائل الإعلامية، وواحد من هذين القطارين لم يكن إلا القطار الذي يستقلّه رامي وأسرته.

 

الفصل الثالث: جثث هامدة

فتح رامي عينيه ولم يرَ إلا الدخان الكثيف يتصاعد من حوله، فتحسس قدميه ولم يشعر إلا بالدماء السائلة منها، وبصعوبة بالغة رفع رأسه ليرى المكان حوله واستند على إحدى يديه، وكان المنظر الذي شاهده مؤلمًا للغاية، جثث مُلقاة في كلّ مكان لم يُعرَف الحي منها من الميت، وأصوات عشرات سيارات الإسعاف تملأ المكان، فتحسس رامي المكان من حوله، فما لمس إلا جثثًا جسدها متفحم في غالبه، لكنّ المصيبة أنّه فيما بعد تبين لرامي أنّ الجثث التي كان يتفحصها هي جثة زوجته سماح، وطفلاه أحمد وسعيد الذَين تنميا ألا يعودا إلى البيت، ولكن ليس هكذا، فانطلقت من رامي صيحة طويلة هزّت المكان.

 

ولقراءة المزيد من القصص الحزينة: قصة نار الحقد، قصة حبل مشنقة.