الفصل الأول: لقاء بالصدفة

على درجات باب المكتبة العامة في المدينة جلست جيهان الفتاة الجميلة ذات العشرين ربيعًا تقرأ إحدى الروايات الصادرة حديثًا للكاتب المفضل لديها، ولم تكن جيهان وحدها تجلس هكذا، فقد جلس على الدرجات عدد من الشبان والشابات، ولأنّ جيهان كانت مندمجة بالقراءة لدرجة كبيرة لم تنتبه أنّ أحدًا مرّ من جانبها وخطف حقيبة يدها إلا عندما سمعت صيحات من حولها، لترفع نظرها أخيرًا عن الرواية وترى أمامها شجارًا يدور بين شابّين، وبينهما حقيبة حمراء تتصدر المشهد.


قبل أن تقوم جيهان من مكانها لترى ما حدث كان الشاب الوسيم يوسف يقف أمامها وبيده حقيبتها، وانطلقت من بين شفتيه الكلمات كالصاروخ، بينما عيناه مثبتتان على عيني جيهان الزرقاوين وقال: تفضلي يا آنسة، لقد حاول أحدهم سرقتها، ولحسن الحظ أني رأيته وأمسكت به قبل أن يهرب، تملّك الخجل جيهان واحمرّ وجهها من الموقف المحرج الذي تعرضت له أولًا ولعدم انتباهها لما جرى، ولنظرات يوسف لها ثانيًا، فتمتمت بكلمات خجولة: شكرًا لك.


مرت الأيام وزيارات جيهان إلى المكتبة العامة لم تنقطع، وفي كل مرة كانت تذهب فيها يكون يوسف هناك واقفًا على بابها، يُلقي على جيهان تحية وابتسامة وهي تبادله الابتسامات ونظرات الإعجاب، وبعد مدة لم تعد تلك اللقاءات تقتصر على التحية فحسب، بل أصبحت تُعقد الجلسات وتُدار فيها نقاشات حول موضوعات مختلفة، وفي إحدى المرات استجمع يوسف شجاعته وقال لجيهان: سأعترف لكِ بأمر يا جيهان، لقد وقعتِ في شباككِ، وقلبي محمّل بحبكِ ولا يرى غيركِ، متى أستطيع زيارة والدكِ؟ ردّت جيهان بسرعة ودون تفكير: غدًا.

الفصل الثاني: فراق أليم

توّج الحب بين جيهان ويوسف بخطوبتهما على أن يُقام حفل الزفاف بعد سنة من الآن، لأن يوسف تم استدعاؤه من عمله في مهمة خارج البلاد، وبالرغم من بُعد المسافات إلا أنّ الحب بقي حيًا بينهما ولم تنقطع رسائل الحب والغرام يومًا، لكن في ليلة حزينة حدث ما لم يكن في الحسبان؛ فقد تعرضت جيهان لحادث سيارة قوي، دخلت على إثره إلى المستشفى وغابت عن الوعي عدة أيام، وبعد أن استيقظت استرجعت ما حصل معها وراحت تبكي.


كان والدا جيهان يبكيان بحرقة على ما حلّ بابنتهما، فقد بات وجهها الذي كان جميًلا مشوهًا الآن، ولما عرفت جيهان بالأمر ورأت ملامحها كيف تغيرت دخلت في حالة حزن شديد، وقررت على إثر ذلك ترك خطيبها يوسف إلى الأبد، فلم تكن تريد أن يراها بهذا الشكل القبيح على حدّ قولها، ورفضت الرد على رسائله ومكالماته بالرغم من شوقها وحبها الشديد له والذي لم ينضب، وطلبت من والدتها أن تخبرها بأنّها لم تعد فتاة أحلامه ولا شيء سيربطهما من الآن فصاعدًا، فهذا هو الحل الوحيد بعد أن تبدلت حياتها.


الفصل الثالث: دعوة زواج

مرت سنة لم تستطع جيهان خلالها التخلص من الحالة النفسية الصعبة ومواجهة العالم الخارجي، فلم تغادر المنزل نهائيًا، وحتى غرفتها لم تكن تبرحها إلا للضرورة، وفي يوم من الأيام رنّ جرس المنزل معلنًا عن قدوم ضيف، ولم يحرّك ذلك في جيهان شيئًا سوى أنها اندسّت تحت غطاء السرير بحجة النوم لئلا تناديها والدتها للجلوس مع الضيف، وكما توقعت جيهان جاءت والدتها إلى غرفتها لكن خرجت منها كلمات لم تتوقعها، فقد قالت: لقد عاد يوسف، وجاء إلى هنا يُريد رؤيتك.


رفعت جيهان الغطاء وكشفت عن وجهها الذي ارتسمت عليه معالم الدهشة والصدمة، وبعد أن استوعبت الكلمات التي قيلت لها ردّت: لقد أخبرتكم أني لا أريده، وكل ما بيننا انتهى، اطلبي منه المغادرة فورًا، وهنا جاءت الصدمة الكبرى، فقالت الأم: يوسف سيتزوج، وقد جاء ليقدم لنا دعوة حفل زفافه، ثم مدت يدها ببطاقة الدعوة وأعطتها لجيهان، التي قفزت عن سريرها كالمجنونة وأخذت البطاقة من أمها والدموع تنهمر على خدّيها.


فتحت جيهان بطاقة الدعوة بيدين مرتعشتين بللتهما قطرات الدموع، وأول ما وقعت عيناها عليه هو اسم العروس، والذي لم يكن سوى اسمها، وقبل أن تنطق جيهان بأي كلمة دخل يوسف إلى غرفتها وبيده باقة من الورد الأحمر الذي تحبه، ثم جثا على ركبتيه وقال: ما زلتِ جيهان الجميلة والرقيقة التي وقعت في شباك حبها، وأريد أن أقضي بقية عمري معها، فهل تقبلين بي زوجًا يا حبيبتي؟ بكت جيهان في هذه اللحظة بحُرقة، ثم عانقته وهي تقول: نعم، نعم يا حبيبي.



ولقراءة المزيد من قصص الحب والرومانسية: قصة خريف العمر، قصة وشاء الهوى.