الفصل الأول: وحدهما في المنزل

بينما كانت رنيم تضع اللمسات الأخيرة لمكياجها كان الطفلان عامر ذو التسعة أعوام وعمّار ذو الأحد عشر عامًا يجلسان في غرفتهما يخططان لما سيفعلانه هذه الليلة عندما يخرج والداهما من المنزل؛ فقد تلقّت ريم وزوجها أشرف دعوة لعشاء عمل في أحد فنادق العاصمة مع الشركة التي يعملان بها، وبالطبع فإنّ اصطحاب الأطفال ممنوع في هكذا مناسبات، لذا لا بدّ أن يبقى عامر وعمّار وحدهما في المنزل.


وقفت رنيم على عتبة باب المنزل ونادت على عامر وعمّار، فحضرا على الفور أمامها وقالت لهما بنبرة صارمة: الساعة الآن الثامنة والنصف، وفي تمام الساعة التاسعة يكن كلّ منكما على فراشه، ولا تنسيا أن تغسلا أسنانكما قبل ذلك، وتذكّرا أنّ لديّ عصفورة صغيرة تُخبرني بكلّ ما تفعلانه ها، وبينما رنيم تتحدّث وتُعطي قوانينها وتعليماتها الصارمة لأطفالها كان أشرف يُنادي عليها وهو يقف على السلالم وقد بدت عليه علامات الغضب: لقد تأخرنا يا رنيم هيّا بنا، فلتؤجّلي محاضرتك إلى وقت آخر.


الفصل الثاني: لعبة الغميضة

خرجت رنيم وأشرف من هنا وانطلق عامر وعمّار إلى غرفتهما وعادا إلى غرفة الجلوس يحملان أكياس الشيبس والشوكولاتة المفضلة بالنسبة لهما، وجلسا على غرفة الأريكة يشاهدان التلفاز، ولما دقّت الساعة التاسعة مساء قال عامر: ما رأيك يا عمّار قبل النوم أن نلعب لعبة الغميضة معًا؟ قفز عمار من مكانه وردّ بحماس: نعم نعم، فأنا أحب هذه اللعبة كثيرًا.


وقف عامر ووجهه إلى الحائط وبدأ يعدّ بصوت مرتفع: واحد، اثنان، ثلاثة،...، وهو يسمع صوت أقدام عمّار يبحث عن مكان يختبئ فيه، وبعد أن أنهى عامر العدّ قال بثقة وسخرية من أخيه: أنا قادم للإمساك بك، هيّا تجهّز، وانطلق في أرجاء المنزل يبحث عن عمّار، ولم يترك مكانًا يمكن الاختباء فيه إلا وقد بحث فيه؛ خلف الأريكة، وخلف الستائر في كل الغرف، وداخل الخزائن كلها، وتحت الأسرّة، حتى في الحمام، لكن دون جدوى فلا أثر لعمّار.

ساد صمت مُخيف في المنزل وبدأ الخوف يتسلل إلى قلب عامر، وجلس على أرض غرفته يبكي لا يدري ماذا يفعل، وفجأة سمع صوت حركة في خزانة ملابسه، فمسح الدموع عن عينيه ونهض من مكانه ليفتحها ويُمسك بعمّار مع أنّه متأكد أنه بحث فيها جيدًا، ولما فتح باب الخزانة قال: اخرج يا عمّار انتهت اللعبة ولا أريد إكمالها، لكن لم يأته ردّ من أحد، فمدّ يده بين الملابس يبحث عنه ليمسكه فالتقط يدًا صغيرة لكنها كانت باردة جدًا، فحاول عامر سحبها بقوّة حتى يُخرِج أخيه من الخزانة.


الفصل الثالث: لا يوجد تفسير

في هذه الأثناء سمع عامر حركة من خلفه وشعر بيد وُضعت على كتفه، وصوت أخيه عمّار يقول له: هاه لم تستطع إيجادي أيها الخاسر، هنا انطلقت من عامر صرخة خوف ورعب لم يستطع كتمها، واليد التي أمسكها في الخزانة يد مَنْ إذن؟ كان عامر غير قادر على إفلات اليد، بل على العكس حاولت سحبه إلى داخل الخزانة وهو يصرخ طالبًا المساعدة، حتى عمّار لم يستطع إنقاذ أخيه.


استطاعت تلك اليد الخفيّة سحب عامر إلى الداخل بعد أن خارت قواه في الإفلات منها ولم يعد له أثر، فانهار عمّار من البكاء وأخذ يجري في أرجاء المنزل كالمجنون، وكانت الساعة حينها تقترب من الحادية عشرة ليلًا، عندها عادت رنيم وزوجها أشرف من سهرتهما ووجدا عمّار واقفًا في زاوية غرفة الجلوس شاخصًا بصره نحو الأمام وعلى وجهه آثار دماء كثيرة، وبيده لوحة مكتوب عليها: "لعبة الغميضة هي السبب".



ولقراءة المزيد من قصص الرعب والخيال: قصة الغرفة المغلقة، قصة بابا.