الفصل الأول

تعمل ميغان كممرضة في أحد مستشفيات مدينة ميلان الإيطالية وتحديداً لدى قسم العناية الحثيثة، حيث تضطر للتأخّر في عملها لأوقات متأخرة من الليل تاركةً أطفالها الخمسة وحدهم في المنزل بعد أن تخلى عنهم أبوهم وقرر الرحيل منذ عدة سنوات.


في أحد أيام الشتاء حيث الثلوج تغطي المدينة امتدّت مناوبة ميغان المسائية حتى ساعات الفجر الأولى، وفي هذا اليوم كانت مُتعَبة جداً ولم تنم طوال الليل بسبب سهرها إلى جانب ابنها المريض زيان، وأثناء قيامها بجولة بين المرضى قامت بإعطاء أحدهم حقنة للعلاج لتكتشف فيما بعد أنها أعطته الحقنة الخاطئة، خافت ميغان ولم تعرف ماذا تفعل فتكتّمت على الأمر بالنهاية، فيما بدا التوتر واضحاً على ملامحها وهي تراقب المريض بين الحين والآخر وبعد عدة ساعات اختلف حاله وما لبث إلا أن توفى، وعند تشريح الجثّة بناء على رغبة أهله لمعرفة سبب الوفاة المفاجئة تبيّن أن المريض قد أخذ حقنة عن طريق الخطأ أدت إلى وفاته نتيجة لحساسيته لذلك الدواء، وحينها بوشِرت التحقيقات للكشف عن الممرضة التي قامت بإعطائها له لم يعترف أحداً بذلك الخطأ، ممّا اضطرهم إلى مراجعة كاميرات المراقبة لعلهم يصلون إلى المُذنب، ولمّا علمت ميغان بذلك توترت كثيراً وبقيت تحوم حول الشرطي الذي يقوم بتفريغ الكاميرات، وعندما انتهى اقتربت منه دون أن يراها أحد وهي ترتجف خاصة عندما تيقنت أنه قد توصل للقاتل، ثم قالت له: أرجوك انسَ الأمر وتظاهر بوجود خلل ما في تسجيل الكاميرات تلك الليلة، فأنا لم أقصد ذلك كما رأيت.


الفصل الثاني

هزّ الشرطيّ الأصلع رأسه بخشونة وقال: لا فائدة..لقد أظهرت كاميرات المراقبة جميع التفاصيل، والآن يجب أن تُحاسبي على فعلتك.

بقيت ميغان تستنجده لعدة دقائق لكنه بقي مصر على موقفه إلى أن فهمت ما يريده، فدسّت يدها في حقيبتها الجلدية وقامت بإعطائه مبلغاً كبيراً من المال يساوي مرتبه ثلاث مرّات ليتكتم عن الحقيقة، تردّد الموظّف خوفاً من الفضيحة بداية إلا أنه أخذها وقام بحذف شريط الفيديو عندما تذكّر قسط ابنه المدرسيّ المستحقّ آخر الشهر، وأخبر زملاءه أنه لم يجد شيء.


في أحد الأيام العاصفة ومع ساعات الليل المتأخرة كانت ميغان مسترخية في المنزل تنعم بيوم إجازتها، وفجأة قُرِعَ جرس المنزل، وعند فتحها للباب وجدت رجلاً يصرخ مرتبكاً ويقول لها: أنا جارُكِ وأسكن بالحي المجاور، زوجتي صعقتها الكهرباء وأخبروني أنكِ ممرضة فهلّا أتيتِ معي لإنقاذ حياتها.

أومأت ميغان بالقبول وقالت له: انتظرني دقيقة وسآتي معك، ثم ارتدت معطفها على الفور وصعدت معه بالمركبة وبدأ السير، عندها لاحظت أنه مُتّجهٌ بها إلى مكان بعيد استغربت وسألته: إلى أين أنت ذاهب؟ ألم تقل أنك تسكن بجواري؟

نظر لها نظرة مُريبة وقال: اهدئي قليلاً

وعند وصولهما أوقف المركبة أمام منزلٍ مهجور استغربت ميغان وسألته: أتسكن أنت وزوجتك في هذا المكان؟

قال لها: نعم، ادخلي سريعاً علّنا نُنقِذها.

دخلت ميغان المنزل وكانت ترتجف من الخوف، فقد بدا المكان هادئاً جداً ذا أضواء خافتة، لكنّها تجاهلت هذا كلّه وسألته: أين هي؟

نظر لها نظرة مُخيفة والابتسامة على وجهه وقال لها: إنني أعيش وحدي منذ فترة ليست ببعيدة، وما هذه إلّا قصة مختلقة لاستدراجك.

ذُعرت ميغان وهمّت بالخروج سريعاً إلّا أنّها ارتطمت بصندوق كان قد فُتح غطاؤه لتلمح بداخله يداً مقطوعة، وآخر فيه رجل متدلّية، وعندها بدأت بالصراخ وقامت بدفعه ومقاومته، وقامت بفتح الباب وركضت خارجاً وهو يلحقها ويحاول الإمساك بها، إلى أن وصلت منزلها وهي يكاد أن يغشى عليها من شدة الخوف، فصفقت خلفها الباب فيما اختفى ذلك الرجل عن نظرها، ثم قامت بالاتصال بالشرطة وأخبرتهم عمّا حدث معها وبعد مدة وصلوا وطلبوا إرشادهم إلى المنزل المهجور، وعند وصولهم إلى العنوان لم يجدوا شيئاً مما قالته، بدأت ميغان تقسم لهم بأن ما رأته كان حقيقياً، إلّا أنهم لم يصدقوها وقاموا بتحذيرها من إعادة تقديمها لأي بلاغٍ كاذب كهذا لأن ذلك سيعرضها للمساءلة القانونية، وفي تلك الأثناء كانت ميغان ترتجف خوفاً وتسأل نفسها مُستغربة أين ذهبت تلك الصناديق المُليئة بالجثث، وذلك الرجل اللعين!.


الفصل الثالث

بقيت ميغان تعيش في حالة قلق مما شاهدته يومها، وفي أحد الأيام كانت تنتظر عودة أطفالها من المدرسة مضى على موعد وصول ابنها وليام ساعتين مما جعلها تتصل بمعلمته للاطمئنان عليه، حيث قالت لها أنها قد أوصلته إلى باب المنزل منذ ساعتين، ولمّا سمعت ميغان ذلك استغربت وخرجت للبحث عنه مُسرعة، وبعد دقائق رنّ هاتفها فإذا برجل يقول لها: أتبحثين عن ابنك؟ ابنك معي.

قالت له بجنون: ومن تكون أنت؟؟ وماذا يفعل ابني معك؟؟ أعطني إياه للاطمئنان عليه.

قال لها: لا تنتظريه لن يعود إليك مجدداً.

عندها أدركت ميغان المسكينة أنّ ابنها قد خُطف فصرخت مستجدية: لا لا أرجوك، سأُعطيك ما تريد من مال، لكن أعده لي.

قهقه الرجل وقال: توسلي ما شئتِ، أنا لا أُريد المال بل أُريد استرجاع حقّي.

قالت له: عن أي حق تتكلم؟ أعِد لي ابني وإلا سأُخبر الشرطة.

قال لها: ههه فلتخبري الشرطة يا جميلة، ثم قام بإغلاق الهاتف وبدأت حينها ميغان بتجهيز نفسها للذهاب إلى مركز الشرطة، إلا أنها وعند فتحها لباب المنزل تفاجأت بوجود كيس قمامة مُلقى أمامه اكتشفت أن بداخله جثّة مُقطّعة تعود لابنها المخطوف بعد فتحه، وحينها بدأت بالصراخ والبكاء وقامت بتبليغ الشرطة وهي في حالة انهيار تام، وعند مجيئهم باشروا بالتحقيقات بعد أن أخبرتهم بالاتصال الذي تلقته، وعند مراجعة رقم الهاتف تبيّن أنه رقم مشفّر لا يعود إلى أي دولة مما جعلها تعاود إخبارهم عن جارها الذي أخذها إلى المكان المهجور لعله يكون له يد في قتل ابنها، إلا أن الشرطة وبالرغم من عدم تصديقهم لما تحدّثت عنه في المرة السابقة أخذوا منها مواصفاته وبدأوا التحري عنه.


كشف اللغز

بقيت ميغان تنتظر تحقيقات الشرطة وكلما ذهب للاستفسار عن ذلك أخبروها أنه لا جديد في القضية مما جعلها تبحث بنفسها عن دليل لعلّه يوصلها للقاتل، حيث قررت وبعد تفكير طويل الذهاب إلى ذلك المنزل المهجور فاستقلّت مركبتها وقادتها إلى هناك، وعندما وصلت كانت ترتجف خوفاً وترددت كثيراً بالدخول إلا أنها تشجعت وقررت متابعة ما بدأت به وعند دخولها المنزل وجدته فارغاً، ولا وجود لتلك الصناديق فيه، ممّا أثار استغرابها حيث بقيت تبحث بداخله عن أي دليل يوصلها لقاتل ابنها والخوف يملأ قلبها لكنها لم تجد، وبعدما تملّك اليأس من وجود دليل منها قررت الذهاب لزيارة قبر وليام لاشتياقها له وعند وصولها وجدت رسالة مليئة بالتراب قد وضِعت على قبره كُتب فيها عنوان وتحته ملاحظة تقول: لحل لغز وفاة ابنك اذهبي إلى هذا العنوان، لكن إيّاك وإخبار الشرطة.


استغربت ميغان ممّا قرأته وبدأت تسأل نفسها ترى ما الذي أتى بهذه الرسالة إلى قبر ابنها، ومن هو مُرسلها؟ فركبت مركبتها من غير وعي متتبعة العنوان إلى أن وجدت نفسها وسط منطقة صحراوية نائية ليس فيها أحد، وعندما نظرت أمامها وجدت جثة ملقاة أمامها ملطخة بالدماء وآثار الضرب بادية عليها، وفي تلك اللحظة قررت الاقتراب منها وهي ترتجف فيما يكاد أن يغشى عليها من الخوف لتكتشف أن الجثة تعود إلى ذلك الشرطي الذي حذف تسجيلات كاميرات المراقبة، وقد كان ملقى وبجانبه ورقة تقول: الآن قد أخذت حقي منكما، هو أصبح في عداد الموتى، أما أنت فقتلت ابنك أغلى ما تملكين، ولا تعتقدي أن انتقامي انتهى هنا بل هناك الكثير لفعله، عندها انهارت ميغان بعد أن أيقنت أن روح الرجل الذي أعطته الحقنة الخاطئة هي من قتلت ابنها لاسترجاع حقه، وأن خطأها غير المقصود سيلاحقها طوال عمرها، وربما سيكلفها حياتها.