المقدمة

عاش شاب يدعى جون في قرية هادئة تقع في نهاية غابة قديمة، كان حالماً في عالم يتدفق فيه السحر مثل الأنهار، وتتجول المخلوقات الأسطورية بحرية، امتلك هذا الشاب قدرة سحرية مذهلة، وهي الاستماع إلى همسات الرياح، كانت عيناه تلمع بالدهشة، فقد آمن بالحكايات القديمة التي تحدثت عن بوابات تُفتح إلى عوالم أخرى مخبأة بين الأشجار.


عالم الصندوق الخشبي

ذات ليلة كان البدر فيها مكتملاً ومضيئاً، كان جون يتقلب على السرير غير قادر على النوم، ففتح نافذته ونظر إلى السماء الصافية والنجوم المتلألئة، فقرر الخروج من منزله ليتمشى قليلاً، وضع يده في جيبه ودخل الغابة المظلمة، مسترشداً بلحن الريح، وأثناء سيره عثر على مساحة منسية خالية من الخضرة والأزهار الملونة، ولكن توسط هذه المساحة شجرة وحيدة يبدو أن عمرها يزيد عن مئات السنين، وقد لمح على أطراف أوراقها توهجاً أحمر، فبدأ يتأمل المنظر باستغراب، ونزل بعينيه إلى الشجرة المليئة بالخطوط العريضة من أسفلها إلى أعلاها، وإذ به يرى صندوقاً خشبياً قديماً كبير الحجم، موضوعاً على جانب الشجرة، فتملك قلبه الفضول ليرى ما بداخله وتسارعت نبضات قلبه حتى أحس أن قلبه سيخرج من صدره ليسقط على الأرض، ولكن لم يتمالك جون نفسه وسيطرت عليه رغبته الفضولية، ففتح الصندوق، فرأى دوامة بداخله يبدو كأنها بوابة إلى عالم آخر، نظر ملياً وبنفس عميق، اقترب قليلاً من الصندوق فسحبه هواء ثقيل سحري إلى الداخل، وانتقل فوراً إلى عالم آخر عالم لم يره مثله قبلاً، فكانت السماء وكأنها نسيج ساحر من الألوان يرقص ويتحرك، والجزر العائمة تنتشر في الأفق، كما ارتفعت المخلوقات الغريبة تسبح في الهواء تاركة وراءها آثارًا من غبار النجوم المتلألئ.


وبينما كان يستكشف هذا العالم السحري، قابل إيلارا وهي جنية صغيرة تتوهج أثناء طيرانها، ومن حسن حظه أنها عرضت عليه أن تكون مرشدته في هذا العالم الغريب، قادته إيلارا إلى مدينة أفتراليان وهي مدينة عائمة في المياه، فقالت إليه: لقد وصلنا إلى المكان الذي تتشابك فيه الأحلام والواقع، كانت مدينة نابضة بالحياة، وسكانها كائنات من نور، يتركون توهجاً مضيئاً خلف مسيرهم.


وأثناء انبهاره بالمدينة وبمخلوقاتها هبت نسمة باردة لطيفة داعبت خديه لم يشعر بمثلها من قبل، ولكن بملكة جون السحرية وقدرته على سماع نسيم الريح، سرعان ما اكتشف أن المدينة في خطر، إذ أخبرته الريح أن قوة غامضة تُعرف باسم فيدوسيكر التهمت ضوء ألف نجم في المدينة، وتهدد بإغراقها في الظلام الأبدي، ولكن لم يقف جون مكتوف اليدين، فأخبر صديقته الجنية إيلارا، وبدآ بالتفكير كيف يمكن إيقاف هذه القوة الضخمة واستعادة التوازن بين النور والظلام.


الحصول على الكرة البلورية السحرية

أخبرت إيلارا جون أن تنيناً عجوزاً حكيماً يسكن في الطرف الآخر في المدينة على جبل داخل كهف عميق، وهذا التنين يمكن أن يساعدهم ويجد لهم الحل المناسب، فاستعدوا لرحلتهم ومشوا عبر الغابات المسحورة، عبر محيطات شاسعة من السحب، وإلى كهوف مخفية مليئة بالأرواح التي عاشت في الماضي في المكان، ليجدوا هذا التنين، فأخبرهم التنين بأن قوة الظلام استيقظت من جديد بعد أن كانت حبيسة في قاع المحيطات، فمنحه بلورة متلألئة تمتلك القدرة على استعادة أضواء النجوم، وتمنحهم القوة لمواجهة شر الظلام.


فانطلق كل من جون وإيلارا إلى قلب الظلام، وخلال مسيرهما نمت بينها علاقة صداقة قوية، وواجهوا معًا تجارب اختبرت شجاعتهم وصداقتهم. وحين وصلا إلى قمة أعلى جبل في المدينة، أكثر منطقة يعم فيها الظلام، استطاعوا مواجهة قوة فيدوسيكر في معركة ملحمية من الضوء والظلال باستخدام قوة كرة التنين، حيث اندفع ضوء ساطع من الكرة البلورية، كانت كفيلة بطرد الظلام وإعادة ضوء ألف نجم إلى السماء.


نعم، ابتهج العالم بعودة النسيج السماوي، وكانت النجوم متألقة ومتوهجة أكثر من أي وقت مضى، واحتفل سكان أفتراليان بانتصارهم، وتم تكريم شجاعة جون والجنية إيلارا.


وحينها فُتحت بوابة العودة إلى عالمه، فقام جون بتوديع أصدقائه الجدد، وعاد إلى المنزل بقلب مليء بالذكريات من رحلته غير العادية، وعلى الرغم من أنه عاد إلى قريته، إلا أن عينيه الآن تلمعان وميض ألف نجمة، لأنه كان يعلم أن المغامرة وعالم الخيال لم يكن بعيدًا حقًا منه.


وهكذا، تردد صدى أسطورة جون، الباحث عن ضوء ألف نجم عبر العصور، ملهمة الحالمين للإيمان بقوة الخيال الموجود في كل ركن من أركان الكون.