الفصل الأول: صيد ثمين
خيّم الصمت والشرود على الأمير الوسيم العشريني سيغفريد وهو جالس يتأمل الطبيعة من شرفة غرفته في القصر، وما أخرجه من شرود سوى طرقات خفيفة على الباب، فأدار وجهه ناحية الباب وقال: تفضّل بالدخول، فولج إلى الغرفة الوزير المقرّب من الأمير كثيرًا، وابتسم له ابتسامة وخرجت منه الكلمات بلُطف: كيف حال سيدي الأمير اليوم؟ أشعرُ أنّك حزينٌ ولكنّي لا أدري لماذا، فهلّا أخبرتني ما الأمر لعلي أستطيع تقديم المساعدة؟!
ردّ الأمير الابتسامة للوزير وقال: أيها الوزير الذكي لا يخفى عليم شيء في هذا القصر، ثمّ صمت برهة وأكمل كلامه: أشعر بشيء يُطبق على صدري ويسبب لي هذا الحزن البادي على وجهي دون رغبة مني، فردّ الوزير: ربّما الحلّ عندي، ما رأيك أن نخرج أنا وأنت فقط -بلا حرس ومرافقين- إلى الغابة، ونبحث عن صيد ثمين نعود به ونستمتع به وحدنا كأي صديقين يخرجان في نزهة، ففي الصيد الكثير من الجمال والراحة، فما كان من الأمير سيغفريد إلا الاستسلام لأمر الوزير.
جهز الوزير ما يلزم من أدوات لهذه الرحلة الشبابية على حدّ ما وصفها، وخرج مع الأمير باتجاه الغابة، وسارا معًا يتبادلان أطراف الحديث، حتى وصلا ناحية بحيرة كبيرة يسبح فيها الكثير من البجع، فوقفا بمحاذاة إحدى الأشجار العالية، وقال الوزير: سيصطاد كل واحد منا بجعة من تلك البجعات الجميلة ونعود بها إلى القصر، وقبل أن ينتظر ردًا من الأمير سيغفريد جهز الوزير القوس والسهم إيذانًا بعملية الصيد.
همّ الأمير بإطلاق سهمه ناحية إحدى البجعات، لكنه توقف فجأة عندما شاهد بجعة على رأسها تاج لا تضعه إلا الأميرات، فترك القوس من يده وأسرع يجري مقتربًا من البحيرة، والوزير يركض خلفه يطلب منه التوقف ولكن دون جدوى، فقد وصل الأمير إلى البجعة التي تضع التاج واقترب منها، فشعر بشعور غريب وأنّ هذه البجعة ليست كمثيلاتها من البجعات الأخريات، فمسح عليها بيده وعندها تحركت بحركات غريبة وكأنها تريد أن تقول شيئًا، لكن الأمير لم يفهمه، وبعد مرور بعض الوقت قال الأمير سيغفريد لوزيره: هيا بنا إلى القصر، لن نصطاد شيئًا.
الفصل الثاني: حفل كبير
في صباح اليوم التالي تفاجأ الأمير بتحضيرات حفل سيُقام الليلة، والطلب منه أن يكون جاهزًا في الموعد، وبالفعل في مساء اليوم ذاته أُقيم بقرار من الملك والملكة حفل كبير دُعيت إليه عائلات ملكية وشخصيات مرموقة كبيرة في البلاد، وذلك بتدبير مُحكم من الملكة، حتى تختار من بين الأميرات اللواتي سيحضرن عروسة لابنها الأمير سيغفريد، فتعلنها أمام الجميع زوجة له، وذلك كلّه دون علم الأمير سيغفريد لتضعه تحت الأمر الواقع ويُسلّم بما سيحصل، فههو رافض لفكرة الزواج من أساسها.
بقي الأمير سيغفريد يتمشى بين الحضور شارد الذهن يفكّر في أمر تلك البجعة، وفجأة أوقفته والدته الملكة وأخبرته بما نوت عليها وأنها حددت له من ستكون عروسته، وعليه أن يستعد الآن لإعلانهما زوجًا وزوجة، غضب الأمير سيغفريد لما سمعه كثيرًا وقال للملكة: لن أتزوج لن أتزوج، ثم غادرالباحة مسرعًا وامتطى حصانه حتى غاب عن أعين الجميع.
سار الأمير وحده ليلًا على حصانه في الغابة، وقد هداه قلبه إلى السير باتجاه بحيرة البجع تلك دون أن يدري، ولما وصل إلى هناك نزل عن الحصان وأخذ يدور حول البحيرة بحثًا عن البجعة التي تلبس التاج، ولما لم يجدها شعر بالحزن الشديد، لكنه فجأة سمع صوت بكاء قريب منه، فأخذ يبحث عن مصدر حتى وجد خلف إحدى الأشجار القريبة فتاة فائقة الجمال تجلس على الأرض وتبكي.
الفصل الثالث: الحب ينتصر
اقترب الأمير سيغفريد من الفتاة والدهشة تتملّكه من جمالها، ويمكن القول إنه وقع في حبها على الفور، فدنا منها وسألها عن حالها فأجابت: أنا أميرة أصابتني لعنة ساحر شرير فحوّلني إلى بجعة في النهار، ثم أعود إلى طبيعتي عندما يحلّ المساء دون أن أستطيع مغادرة مكاني، وفي منتصف الليل أعود بجعة مرة أخرى، دهش الأمير سيغفريد مما سمع وقال: إذن أنت البجعة التي....، فقالت: نعم أنا.
أغرم سيغفريد بالأميرة كثيرًا وضمها إلى صدره بحنان ثم قال: هل تقبليني زوجًا لكِ؟ أجهشت الأميرة بالبكاء وقالت: لن ينفع أبدًا، فكيف ستتزوج ببجعة؟!!! لم يعرف الأمير ما يمكن قوله، فسكت برهة ثم قال: كيف يمكن أن تُفكّ عنك تلك اللعنة؟ ردّت الأميرة باكية: لن تُفكّ إلا إذا أُغرم بي أمير وسيم، وعرض عليّ الزواج وأنا بجعة أمام الجميع، عندها فقط أستطيع العودة إلى طبيعتي.
عاد الأمير إلى قصره بعد منتصف الليل، وكان الحفل الذي أُقيم قد فُضَّ وانتهى، فدخل إلى غرفته واستلقى على سريره وبقي يفكر بما يجب عليه فعله، وبعد وقت ليس بقصير استغرق في النوم. استيقظ الأمير في وقت مبكر من الصباح، وجهّز نفسه ولبس ملابس فاخرة ووضع عطرًا مميزًا، فدخلت عليه والدته الملكة والغضب يخرج من عينيها جراء ما فعله أمس.
قال الأمير وهو يبتسم: لقد وافقت على الزواج يا أمي، وسأذهب الآن لآتي لكِ بالعروس، ثم خرج مسرعًا دون أن يسمع ردّها، واتجه سيغفريد إلى بحيرة البجع وألقى التحية على الأميرة البجعة، ثم حملها ووضعها في قفص وعاد إلى القصر، ووقف في وسط باحته وطلب من الجميع النزول إلى هناك، وعندما تجمّع الجميع أخرج سيغفريد البجعة من القفص وقال: أنا قررت الزواج ممّن اختارها قلبي ووقعت في حبها، هذه هي زوجتي.
تملّكت الدهشة وجوه الجميع واستشاطت الملكة والملك غضبًا، وقبل أن ينطق أحد بحرف واحد تحوّلت البجعة إلى أميرة فاتنة فائقة الجمال، فغمرها الأمير بحبّ وضمّها إلى صدره وقال: أحبّكِ يا أميرتي الجميلة، فأعلن الأمير والأميرة زوجان وأقيمت الليالي الملاح فرحًا بهما.
ولقراءة المزيد من قصص الحب والرومانسية: قصة أحببت عطرها، قصة فيكتورين والزواج.
